سؤال و جواب

السلام عليكم
الصبر تابع للموضوع فبعضها يحتاج لفترة زمنية طويلة وآخر لفترة أقصر ، ولا مجال للإعادة وليس هناك مصلحة ، والأحسن أن يدفع الإنسان قبل أول استخارة الصدقة لا بعدها 

وإذا كان مصمماً على الفعل فليفعل ، ولا يضيع نفسه بالتردد والحيرة  ، وفي جميع الحالات يعزم ويتوكل قال تعالى 

وإذا عزمت فتوكل )  

 مَن راجع دوافع ثورة الحسين عليه السلام والتطورات التي صاحبت تحركه منذ الخطوة الأولى نحو كربلاء لا يجرؤ أن يقول هذا أبداً . فمنذ الوهلة الأولى لم يواجه العدو بالسيف حتى أول لحظة من نشوب القتال فإنه قال أكره أن أبدأهم بقتال و إن عمر بن سعد هو الذي بدء القتال وقال قولته المشهورة اشهدوا لي عند الأمير أنا أول من رمى . فإذا جوبه الإنسان بالقوة وبالفتك ويُراد قتله وقتل عياله أو الرضوخ لحكم الظالمين ونتيجة ذلك القتل أيضاً فما تراه يفعل ؟

وهذا ما أورده الطبري في تاريخه في أحداث سنة 61 ج4 ص311 :

” عن حسان بن فائد بن بكر العبسي قال أشهد أن كتاب عمر بن سعد جاء إلى عبيد الله بن زياد وأنا عنده فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي فسألته عما أقدمه وماذا يطلب ويسأل فقال كتب إلي أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم فسألوني القدوم ففعلت فأما إذ كرهوني فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم فلما قرئ الكتاب على ابن زياد قال : الآن إذ علقت مخالبنا به يرجو النجاة ولات حين مناص.

((  قال ابومخنف  فحدثنى سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال: ثم ان عبيد الله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له: اخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد فليعرض على الحسين واصحابه النزول على حكمى، فانفعلوا فليبعث بهم إلى سلما، وان هم أبوا فليقاتلهم، فان فعل فاسمع له وأطع، وان هو أبى فقاتلهم فأنت أمير الناس ، وثب عليه فاضرب عنقه وابعث إلى برأسه قال ابومخنف حدثني أبوجباب الكلبى قال: ثم كتب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد، أما بعد فإنى لم أبعثك إلى حسين لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السلامة والبقاء ولا لتقعد له عندي شافعا، انظر فان نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم إلى سلما، وان أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم، فإنهم لذلك مستحقون، فان قُتِلَ حسين فأوط الخيل صدره وظهره، فانه عاق مشاق، قاطع ظلوم،

وليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ولكن على قول لو قد قتلته فعلت هذا به، إن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع وان أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فانا قد أمرناه بأمرنا والسلام. ))

(( قال: فاقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد، فلما قدم به عليه فقرأ قال له عمر: مالك ويلك لا قرب الله دارك وقبح الله ما قدمت به على، والله إني لاظنك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبت به إليه، أفسدت علينا امرا كنا رجونا ان يصلح، لا يستسلم والله حسين ان نفس أبيه لبين جنبيه، فقال له شمر: أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضى لأمر أميرك وتقتل عدوه والا فخل بيني وبين الجند والعسكر. قال: لا ولا كرامة لك، وأنا أتولى ذلك. ))

(( قال ابومخنف فحدثني عبد الله بن عاصم، قال: حدثني الضحاك المشرقي، قال: لما اقبلوا نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنا الهبنا فيه النار من ورائنا لئلا يأتونا من خلفنا، اذ اقبل الينا منهم رجل يركض على فرس كامل الأداة. فلم يكلمنا حتى مر على أبياتنا، فنظر إلى أبياتنا فإذا هو لا يرى إلى حطبا تلتهب النار فيه، فرجع راجعا فنادى باعلى صوته: يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة، فقال الحسين: من هذا كانه شمر بن ذي الجوشن، فقالوا: نعم أصلحك الله هو هو، فقال: يابن راعية المعزى أنت أولى بها صليا. فقال له مسلم بن عوسجة: يابن رسول الله جعلت فداك الا ارميه بسهم فانه قد أمكنني وليس يسقط سهم فالفاسق من أعظم الجبارين، فقال له الحسين: لا ترمه، فاني اكره أن ابدأهم )) فانظر إلى قوله عليه السلام ( فاني أكره أن أبدأهم . ) .

((  ثم نادى بأعلى صوته بصوت عال دعاء‌ا يسمعه  جل الناس: أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتى اعظكم بما لحق لكم علي، وحتى أعتذر اليكم من مقدمي عليكم، فان قبلتم عذري وصدقتم قولي واعطيتموني النصف كنتم بذلك اسعد ولم يكن لكم علي سبيل، وان لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من انفسكم فاجمعوا أمركم وشركائكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين قال: فلما سمع اخواته كلامه هذا صحن وبكين وبكى بناته فارتفعت اصواتهن، فارسل اليهن أخاه العباس بن علي وعليا ابنه وقال لهما: اسكتاهن، فلعمي ليكثرن بكائهن، قال فلما ذهبا ليسكتاهن، قال: لا يبعد ابن عباس، قال: فظننا انه إنما قالها حين سمع بكائهن لأنه قد كان نهاه أن يخرج بهن.

فلما سكتن حمد الله واثنى عليه وذكر الله بما هو اهله، وصلى على محمد صلى الله عليه وآله وعلى ملائكته وانبيائه فذكر من ذلك ما الله اعلم وما لا يحصى ذكره، قال: فوالله ما سمعت متكلما قط قبله ولا بعده ابلغ في منطق منه ثم قال: اما بعد فانسبوني فانظروا من انا؟ ثم ارجعوا إلى انفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ الست ابن بنت نبيكم صلى الله عليه وآله وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه؟ أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟أوليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟ أو لم يبلغكم قول مستفيض فيكم: إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فان صدقتموني بما أقول وهو الحق والله ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ويُضَر به مَن اختلقه، وان كذبتموني فان فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري أو أبا سعيد الخدري، أو سهل بن سعد الساعدي، او زيد بن أرقم أو انس بن مالك، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولأخي، أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟ فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول، فقال له حبيب بن مظاهر: والله إني لأراك تعبد الله على سبعين حرفا، وأنا أشهد انك صادق ما تدري ما يقول، قد طبع الله على قلبك.

ثم قال لهم الحسين: فان كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أثرا ما أتى ابن بنت نبيكم؟ فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري منكم ولا من غيركم، أنا ابن بنت نبيكم خاصة، اخبروني اتطلبوني بقتيل منكم قتلته ! أو مال لكم استهلكته؟ او بقصاص من جراحة؟ قال: فأخذوا لا يكلمونه، قال: فنادى يا شبث بن ربعى، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، ويا يزيد بن الحارث، الم تكتبوا إلى أن قد اينعت الثمار، واخضر الجناب، وطمت الجمام، وانما تقدم على جند لك مجند فاقبل، قالوا له: لم نفعل، فقال: سبحان الله بلى والله لقد فعلتم. ثم قال: ايها الناس اذ كرهتموني فدعوني انصرف عنكم إلى مأمنى من الارض، قال: فقال له قيس بن الأشعث: او لا تنزل على حكم بني عمك؟ فأنهم لن يروك الا ما تحب، ولن يصل اليك منهم مكروه، فقال له الحسين: انت اخو اخيك، اتريد ان يطلبك بنو هاشم باكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل، ولا اقر إقرار العبيد. عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون، أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب قال: ثم انه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها واقبلوا يزحفون نحوه. )) .

((  قال ابومخنف عن أبي جناب الكلبي عن عدي بن حرملة قال: ثم ان الحر بن يزد لما زحف عمر بن سعد قال له: أصلحك الله مقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: إي والله قتالا أيسره أن يسقط الرؤوس وتطيح الأيدي، قال أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضى؟ قال عمر بن سعد: أما والله لو كان الأمر إلي لفعلت ولكن أميرك قد أبى ذلك. )) . وهاهو الحر يخاطبهم بعد أن رجع لنصرة الحسين عليه السلام  (( فاستقدم امام اصحابه ثم قال: ايها القوم الا تقبلون من حسين خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه وقتاله؟ قالوا: هذا الامير عمر بن سعد فكلمه، فكلمه بمثل ما كلمه به قبل وبمثل ما كلم به اصحابه، قال عمر: قد حرصت لو وجدت إلى ذلك سبيلا فعلت، فقال: يا اهل الكوفة لامكم الهبل والعبر اذ دعوتموه حتى اذا اتاكم اسلمتموه وزعمتم انكم قاتلوا انفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه، امسكتم بنفسه واخذتم بكظمه، واحطتم به من كل جانب، فمنعتموه التوجه في بلاد الله العريضة حتى يأمن ويأمن اهل بيته، واصبح في ايديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع ضرا، وخلاء‌تموه ونساء‌ه واهل بيته واصحابه عن ماء الفرات الجارى الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، وهاهم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريته، لا أسقاكم الله يوم الظماء إن لم تتوبوا وتنزعوا عما انتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه، فحملت عليه رجالة لهم ترميه بالنبل فأقبل حتى وقف امام الحسين. )) . أبو مخنف 122

وهذا (( حميد بن مسلم قال: وزحف عمر بن سعد نحوهم ثم نادى: يا دريد أدن رايتك، قال: فأدناها ثم وضع سهمه في كبد قوسه ثم رمى فقال: اشهدوا اني أول من رمى . )) .

وهذا يتجسد كذلك بقوله عليه السلام ( ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة ، وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحجور طابت وطهرت ، وأنوف حمية ، ونفوس أبية من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ، ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد وخذلان الناصر ) حياة الإمام الحسين للقرشي ج3 ص 193 .

والحمد لله رب العلمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

العبارة ليست بصحيحة أصلاً والتاريخ والوجدان يكذبها ,، وبعض هذه الحركات التي تسمى بإسلامية الإسلام منها براء ، لأنها لا تستند على ركيزة علمية صحيحة ، وقد قتلت المسلمين أنفسهم فكم من مسجد دخلوا عليه وقتلوا المصلين فيه سواء أكانوا يصلون الصبح فيه أم العشاء وكم من بيت نهبوا وكم من حرة هتكوا وكم من حرمة استباحوا فلا هم من المسلمين ولا المسلمون منهم بل بعضهم صنائعهم وهم أدرى لِمَ أنشأوهم ؟ ليضربوا المسلمين بعضهم ببعض و ليقدموا للعالم نماذج مشوهة عن المسلمين بعد أن أخذ الناس في أوربا وأمريكا وبقية الدول الغربية  تتجه وتتعاطف مع المسلمين والإسلام ، وثالثا لتكون لهم الحجة في السيطرة على منابع البترول والتجارة العالمية،وأخيراً ليشوهوا الإسلام كله.

كما قلنا في سابقه ليس لأحد أن يحدد إلا القيادة العلمية المتفقهة في شرع الله المطلعة على الحكم الشرعي من خلال مصادر التشريع الإلهي ، وإلا لأصبحت فوضى ، لا فرق بينها وبين القيادات الدنيوية الأخر ، وليس علامة ذلك الإدعاء أو مجرد الصلاة والصيام وتطويل لحى أو تأسيس أحزاب ، لأن غير المجتهد عاجز عن الوصول إلى ذلك ولو أراد أحدهم أن يعترض فما عليه إلا أن يذهب ويدرس ويطلع على كتاب الله وسنة المعصومين عليهم السلام ليعرف الحكم الشرعي بنفسه فهناك ناسخ ومنسوخ عام وخاص مطلق ومقيد إلى آخر ما هنالك من علوم وعلوم، وهذه أعراض الناس وأموالهم وأنفسهم وهي أغلى شئ فتذكر، وتذكر قوله تعالى (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ولقطعنا منه الوتين ))وهو أكرم مخلوق عنده وأعزهم لديه،فكيف بغيره ؟؟؟

وقال تعالى : «فَاسألُوا أهلَ الذِّكر إنْ كُنتُم لا تَعلَمونَ»

كل شئ في الإسلام يخضع لقواعد محكمة لايمكن للعامي من الناس أن يطلع عليها ، إلا بعد دراسة ودراسة ليالٍ وأياما ولا يُصاب دين الله بالعقول ، بل هو نصوص و قواعد ثابتة ورصينة للمجتهد فقط أن يستخرج الحكم الشرعي منها لأن غيره عاجز عن ذلك أصلاً .

وليلتفت الإنسان المؤمن لما يسمى بالحركات الإسلامية ، فما كل ما تسمى باسم يكون مصداقاً لِمعناه ، فما كل مَن أنشأ حركة وسماها باسم الإسلام يكون معبراً عن الإسلام .

أولاً نقول ليس لدينا جهاد سلمي وجهاد مسلح في فقهنا أصلا  ، توضيحه : قالوا في كتاب الجهاد (( الجهاد مأخوذ من الجَهْد ـ بالفتح ـ بمعنى التعب والمشقّة أومن الجُهْد ـ بالضم ـ بمعنى الطاقة، والمراد به هنا القتال لإعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الإيمان. )) فهنا القتال مأخوذ فيه فكيف يجتمع مع السلم , فلاحظ . واستبعدنا أن يكون المقصود جهاد النفس أو الجهاد بمعنى الكد على العائلة  لمكان ( وبأي معيار يتم ترجيح أحدهما ) في السؤال لأنه لا معنى حينئذ للسؤال أصلاً .

نعم يمكن أن يريد السائل بالجهاد السلمي الدعوة إلى الإسلام بالمجادلة الحسنة واصطلح هنا إصطلاحاً خاصاً به فهو أمر ثابت أيضاً يجسده قوله تعالى :

(  وجادلهم بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )

أو قوله تعالى : (( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )) .

إذا لاحظنا سيرة نبينا الأكرم صلى الله عليه و آله وسلم لشاهدنا أنه يقدم السلم دائماً سواء كان في بداية دعوته حيث كانت المواجهة شديدة من قريش وخلال ما يقرب من اثنتي عشرة سنة إلى ما جرى في المدينة المشرفة من أحداث لأحداث نراه يقدم السلم على الحرب بل لم يحارب حتى يُداهَم بالخطر المباشر والمحتوم وكان يدعو الناس بالتي هي أحسن وهكذا بقية ولده عليهم السلام . وحتى أن أمر الجهاد عندنا قد قسم إلى قسمين الأول منهما يسمى بالجهاد البدوي

أو يكون مقصوده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلكل حدوده وشروطه وهذا يرجع  به المكلف إلى مرجع تقليده فيه حين العمل .

والظاهر أن الأمر كذلك  لأن الأمر مرتبط بقضية الحسين عله السلام فهي مرتبطة ارتباطا وثيقاً به . لذا يمكن أن يظهر لنا بعض جوانبه بكتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث ذُكر هناك بعض ما لعله ينفع في المقام.

ذكروا هناك في رسائلهم العملية  ((  للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب:

الأولى:. الإنكار بالقلب بمعنى إظهار كراهة المنكر أو ترك المعروف إمّا بإظهار الانزعاج من الفاعل أو الإعراض والصدّ عنه أو ترك الكلام معه أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه.

الثانية: الإنكار باللسان والقول بأن يعظه وينصحه ويذكر له ما أعدّ اللّه سبحانه للعاصين من العقاب الأليم والعذاب في الجحيم أو يذكر له ما أعدّه اللّه تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم والفوز في جنات النعيم .

الثالثة : الإنكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية، ولكل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف وأشد، والمشهور الترتيب بين هذه المراتب فإن كان إظهار الإنكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه ، وإلا أنكر باللسان فإن لم يكف ذلك أنكر بيده . ))  وأما القسم الثالث فهو مترتب على عدم تأثير الأولين . وفي كل ذلك تفصيل .

(( إذا لم تكف المراتب المذكورة في ردع الفاعل ففي جواز الانتقال إلى الجرح والقتل وجهان، بل قولان أقواهما العدم، وكذا إذا توقف على كسر عضو من يد أو رجل أو غيرهما، أو إعابة عضو كشلل أو اعوجاج أو نحوهما، فإن الأقوى عدم جواز ذلك، وإذا أدى الضرب إلى ذلك ـ خطأً أو عمداً ـ فالأقوى الضمان.

فتجري عليه أحكام الجناية العمدية، إن كان عمداً، والخطاية إن كان خطأً. نعم يجوز للإمام والحاكم الشرعي ذلك إذا كان يترتب على معصية الفاعل مفسدة أهم من جرحه أو قتله، وحينئذ لا ضمان عليه. )) .

إننا قوم لدينا دين ومبادئ وأسس ولا نمشي على هوى أي أحد مهما كان , فإذا كان لدينا الدليل الشرعي على شئ ، وأمرنا بالإتيان به وإقامته سواء أكان أمراً مستحباً أم واجباً فليس لنا رفع اليد عن ذلك كله بمجرد دعوى واتباع لهوى النفس وبالشعارات الزائفة التي بعضها ما أنزل الله بها من سلطان، كما أنه على أقل تقدير لو لم نعرف علته وفائدته فهو أمر تعبدي محض علينا الإتيان به .

وقد جاء في صحيحة زرارة المروية في الكافي قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن الحلال والحرام فقال: «حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة»، لا يكون غيره، ولا يجيء غيره، وقال: قال علي (ع): «ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنّة».

ثم ما المقصود أنها لا تقدم شيئاً لواقعنا ، ما هو الذي يريد أن تقدم له الثورة الحسينية هل تقدم له دولارات أمريكية أو أسترالية أم تقدم له شهادة باختصاص هو لم يدرسه أصلاً ؟

مع أنه يستطيع أن يقدم بها أحسن القصص لأنها من القران والى القران فيبين للناس الحق والباطل وصراعهما على الحقيقة لا على خيالات الكتاب فيستطيع أن يقدم بها أروع من رواية هاملت و أحسن مما كتبه شكسبير على طول الخط ، وألطف مما كتبه نزار قباني بميوعته ، وأبدع من الذي أنشأه المتنبي وامرؤ القيس والجواهري بقصائدهم ، وأنبل مما قدمته السينما العالمية بأفلامها , وأصدق مما قدمه المسرح العالمي بأقسامه وتنوع مسرحياته, وأرفع وأروع تجمع لناس تجمعوا لِيحيوا مآثر قادتهم وهم يبذلون الغالي والنفيس لأجل ذلك فيجتمعون ويتدارسون ويتقربون لبعضهم البعض بأماكن مختلفة ونوادٍ عامرة تخلو من الضجيج وقتل الوقت بالرقص والغناء والفجور والخمور ، فانظر لما تصرفه الأحزاب والتجمعات والمؤسسات لجمع الناس حولهم وما هي مقادير الأموال وعدد الحيل وأكثر الوقت المصروف على ذلك كله وأما هنا فالناس بسجيتها تأتي ، والناس هي التي تصرف وهي التي تجوع وتعرى في سبيل إقامة هذه التجمعات الإسلامية الشيعية فلماذا نريد القضاء عليها وهي ملجأ لنا وذخر وتجميع طاقات ؟ .

فما أصدق وأعمق في النفوس تلك التجمعات المملوءة بالولاء التي بها تستمر مسيرة الحق ، وإنها لأقوى المعاول على عروش الحاكمين ، تلك التي تسمى بمواكب الحسين عليه السلام فهي أصدق من المظاهرات الكاذبة في شوارع العالم  .

إذا قمت ببعض هذا  فستكون قد أديت الأمانة ، وما عليك سوى ذلك لتصل هذه الشعائر إلى الأجيال الآتية حتى يظهر الحق و أهله وعند ذاك لنا حديث آخر .

ما هي مبادئ الثورة الحسينية التي لا يجوز التنازل عنها؟ ولا التخلي عنها؟ والتفريط بها؟

الجواب :

هذا السؤال من أعجب الأسئلة وذلك لأنه محاولة لفصل الحسين وجعل حركته مستقلة غير مرتبطة بشئ آخر.

المهم إن معرفة الحق في ذلك تظهر بالرجوع إلى من هو الحسين ؟ وأي طريق يُمثٌل ؟ وبمعنى جامع ما هو دينه ؟ فإذا عرفنا دينه عرفنا مبادئه ،وكلنا يدري بأنه لا دين للحسين عليه السلام غير الإسلام ، إذاً مبادئ الحسين عليه السلام هي مبادئ الإسلام ؛ فعليه نقول أي مبدأ من مبادئ الإسلام يصح التنازل عنه فهو يصح في مبادئ الحسين عليه السلام وأيها لا يصح لا يصح . وأي عاقل يقول بصحة التنازل عن أي من المبادئ أو التخلي عنها أو التفريط بها . جاء في الصحيح عن زرارة بن أعين المروية في الكافي قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن الحلال والحرام فقال: «حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة»، لا يكون غيره، ولا يجيء غيره، وقال: قال علي (ع): «ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنّة». ؛

فعليه لا معنى للسؤال أصلا ً.

هل ينظر لحركة إحياء الشعائر الحسينية كثابت لا يتغير أم هي حركة متغيرة بتغير الزمان والأحوال؟

الجواب :
أولا نريد أن نفهم مقصود السائل بالمتغير والثابت حتى نستطيع أن نجيب على السؤال  ؛ وثانيا هل التغير منصب على الحركة نفسها أم أن المقصود التغير لنفس الشعائر ؟ والظاهر من السؤال  الأول وسنجيب على الطرفين بعونه تعالى  .

إن كان المقصود من الأول أنه من الدين و هل هو أمر شرعي ثابت عند الشارع المقدس فبلا ريب ولا شك هو كذلك لأنه مرتبط بإطاعة الإمام المعصوم عليه السلام ، بل هو إطاعة للمولى عز وجل والنبي الكريم صلى الله عليه وآله هذا أولا ، وثانيا  هو مرتبط بالبراءة والموالاة الذين هما فرعان مهمان من فروع الدين كما لا يخفى كما كانت الصلاة كذلك  .

أما الأمر الأول فيظهر في كثير من تصرفات المعصومين عليهم السلام أنفسهم وتشجيعهم لذكر الحسين عليه السلام دائما في أي وقت ، بل ذكرهم له في كثير من الأحيان وربط أحداث عاشوراء بما يجري عليهم والمقارنة بين ذلك كله هذا من جهة  ، ومن أخرى إقرارهم بما كان يفعله الشيعة لإحياء ذكرهم بالعموم وذكره بالخصوص  سلام الله عليهم جميعا وتشجيعهم لهم على ذلك ، وهذا يظهر لمن راجع رواياتهم في ذلك وهي كثيرة .

 

منها : جاء في كتاب  كامل الزيارات لابن قولوية ((  أن مولى للإمام زين العابدين(ع)اشرف عليه وهو في سقيفة له ساجد يبكي،فقال له:يا علي بن الحسين،أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فرفع رأسه إليه وقال : ويلك والله لقد شكا يعقوب إلى ربه في أقل ما رأيت حيث قال:- (يا أسفا على يوسف) وإنه فقد ابناً واحداً، وإني رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي. )) .

وفي وسائل الشيعة عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال : بكى علي بن الحسين على الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين عشرين سنة-أو أربعين سنة- وما وضع بين يديه طعام إلا بكى على الحسين(ع)حتى قال له مولى له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين! فقرأ :-  (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله  وأعلم من الله ما لا تعلمون) إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك العبرة. )) .

وفي الوسائل (باب66 من أبواب المزار) روايات كثيرة في استحباب ذلك، ومنها صحيح معاوية بن وهب، عن الصادق (ع) أنّه قال لشيخ: أين أنت عن قبر جدّي المظلوم الحسين؟ قال: إنّي لقريب منه، قال (ع): كيف إتيانكَ لهُ؟ قال: إنّي لآتيه وأكثر، قال (ع): ذاك دم يطلب اللّه تعالى به، ثمّ قال: كلّ الجزع والبكاء مكروه ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين (ع) .

رواية ثقة الإسلام الكليني في روضة الكافي
بإسناده‏عن ابي داود المسترق عن  ابي محمد سفيان بن مصعب العبدي الكوفي، من شعراء الإمام الصادق عليه السلام قال:
دخلت على ابي عبداللّه(ع) فقال: ((قولوا لام فروة تجي‏ء
فتسمع ما صنع بجدها)). قال: فجاءت فقعدت خلف الستر.
ثم‏قال:أنشدنا. قال: فقلت:
فرو جودي بدمعك المسكوب
. . . .
قال: فصاحت وصحن النساء، فقال أبو عبد الله(ع): الباب
 فاجتمع أهل المدينة على الباب.

 قال: فبعث‏إليهم أبو عبد الله : صبي لنا غشي عليه فصحن النساء.
واستنشد شعره الإمام أبا عمارة المنشد كما في الكامل لابن
قولويه (ص‏105) بإسناده عنه قال: قال لي
ابوعبداللّه(ع): ((يا أبا عمارة أنشدني للعبدي في
الحسين(ع))). قال: فأنشدته فبكى، ثم أنشدته فبكى، ثم
أنشدته فبكى. قال:فواللّه ما زلت انشده ويبكي حتى سمعت
البكاء من الدار…. الحديث.

وعليك بقصيدة دعبل الخزاعي لترَ وتسمع بكاء الإمام الرضا عليه السلام .

وأما كونه إطاعة لله سبحانه فإنٌا قد اُمرنا باتباع أقوالهم وأفعالهم وإقراراتهم , هذا مع أن ذلك  هو أحد مصاديق الآية الكريمة (( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )) .

ولا يُلتَفَت إلى ما قيل مِن عدم دلالة الآية على غير تلك المناسك التي في الحج ، فهو كما ترى ، إذ لو كان المورد يُخَصٌِص الوارد لَما استطاع الفقيه أن يستنبط أي شئ ولتوقف الفقه وجمد ، فتمعن في ذلك .

وأما كونه  إتباعا لسنة رسوله صلى الله عليه و آله فهو الذي وَجَهَنا إليهم بحديث الثقلين  وغيره من الأحاديث الشريفة فاتباعهم إتباع له ، و يظهر كذلك للمتتبع لبكائه عليه في حياته في أكثر من موقف فقد أعطانا إجازة فعلية واضحة لفعل ذلك بالإضافة لما روته العقيلة زينب سلام الله عليها عنه صلى الله عليه و آله وسلم في إدامة ذكره ممن يحيي ذكره .

ومنها (  عن أسماء بنت عميس قالت :

لما ولد الحسين فجاءني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء ، فأذن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ثم وضعه في حجره وبكى .. قالت أسماء : فقلت فداك أبي وأمي مم بكاؤك ؟ قال : على ابني هذا . قلت : إنه ولد الساعة ، قال : يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي …. ) سيرتنا وسنتنا للأميني ص 37 .

 

وأما كونه مرتبط بالبراءة والموالاة فهو من انصع وأبين المظاهر على مقدار الحب للذين آمنوا والبغض لأعدائهم أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وآله  .

فكيف لا نقيم الشعائر الحسينية ؟

فكيف لا نقيم الشعائر الحسينية وهي أمر شرعي ثابت بالأدلة الواضحة وبسيرة المتشرعة الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم ولا يتهاونون بشرع الله تعالى بأي حال من الأحوال وعلى رأسهم علماؤنا الأعلام و مراجع التقليد منهم بالخصوص الذين شاهدناهم وعاصرناهم واستفدنا منهم رحم الله تعالى الماضين  منهم وحفظ الباقين ، ومن المطمئن به أن تلك السيرة متصلة بزمان المعصوم عليه السلام فيكون هذا دليلا آخرا مضافا لما ذكر  .

و أما إذا كان المقصود الثاني  أي التغير لنفس الشعائر فهذا مرتبط بالمكان والزمان وبالفرد نفسه والمجتمع الذي تقام به الشعائر فلكل مجتمع ولكل فرد كيفية معينة لإظهار حزنه وتأثره بهذه المصيبة الراتبة والرزية العظيمة فلا يمكن أن تحدد بحدود أو تؤطر بإطار ، نعم لا يمكن أن تخرج عما يرضاه الشارع المقدس .   –

غزوة بدر الكبرى هي معركة وقعت في 17 رمضان 2 للهجرة، المصادف ل13  مارس عام 624 ، بين المسلمين بقيادة النبي وبين قريش بقيادة سيدهم عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي المعروف بأبي جهل عند آبار بدر في جنوب المدينة وانتهت بانتصار المسلمين ومقتل أبي الجهل .

(( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقًاً من المؤمنين لكارهون  يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون   وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين     ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون ))  الأنفال:5-8 .

سمّاها الله تعالى بيوم الفرقان

وقد اختصت سورة الأنفال بها . حيث قال الله تعالى : ﴿ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ﴾  الأنفال 41 .

واتفق الكل إنها وقعت في شهر رمضان المبارك ، السنة الثانية للهجرة .

قال ابن إسحاق : فكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان. انظر السيرة النبوية /  إبن كثير /  2 / 469 ، وعيون الأثر ،1/281 ، وزاد المعاد ، 3/171 ، وجوامع السيرة . ص86 .

وهلك فيها طغاة قريش ، وعتاتهم كأبي جهل ( عمرو بن هشام ) وأمية بن خلف والعاص بن هشام بن المغيرة ، ، وهم أصحاب القليب .

ماذا قال الشيخان عندما استشار الرسول صلى الله عليه وآله المسلمين ؟

التعبير الأول : الذي يحاول القوم بثه بين الناس في وسائل الإعلام الحديثة ، والتغطية على ما قال البعض الذين ملكوا الأمر بعدها :

واستشار كبار أصحابه فيما يصنعون، فتحدث «أبو بكر الصديق» ، و«عمر بن الخطاب» وغيرهما فأحسنوا الكلام ، وأبدوا استعدادًا للتضحية والجهاد في سبيل الله.

وهذا من العجب بمكان ، فانتظر لتر الحقيقة .

التعبير الثاني : (( عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان ، فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ، ثم تكلم عمر فأعرض عنه . )) . تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام / شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي /  تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري / دار الكتاب العربي / الجزء الثاني / الصفحة82 / ط1 / سنة النشر: 1407هـ – 1987م.

ومثله : البداية والنهاية / ج3 / ص321 . / ، ومثله مختصر تاريخ دمشق / ابن منظور /ج7 / ص369 .

(( حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن ثابت عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم شاور الناس يوم بدر فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ثم تكلم عمر فأعرض عنه فقالت الأنصار يا رسول الله إيانا تريد فقال المقداد بن الأسود يا رسول الله والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لاخضناها ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد فعلنا فشأنك يا رسول الله فندب رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه فانطلق حتى نزل بدرا . )) . مسند الإمام أحمد بن حنبل المؤلف : أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني الناشر : مؤسسة قرطبة – القاهرة عدد الأجزاء : 6 الأحاديث مذيلة بأحكام شعيب الأرنؤوط عليها- (3 / 219)ح 13320 ( ؛ وانظر : الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم المؤلف : أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري الناشر : دار الجيل بيروت + دار الأفاق الجديدة ـ بيروت عدد الأجزاء : ثمانية أحزاء في أربع مجلدات- (5 / 170)ح4721 – ؛ وكذلك : تاريخ دمشق/ ابن عساكر/ ج60 / ص159 .

التعبير الثالث : ولكن صاحب الدر المنثور ، ينثر درره فتظهر كلمات عمر جلية واضحة : ( قال : أشيروا علي ؟ فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله إنها قريش وعزها ، والله ما ذلت منذ عزت ، ولا آمنت منذ كفرت ، والله لتقاتلنك ، فتأهب لذلك أهبته ، وأعدد له عدته ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أشيروا علي ؟ فقال المقداد بن عمرو : إنا لا نقول لك كما قال أصحاب موسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون المائدة الآية 24 ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون ) الدر المنثور المؤلف : عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي الناشر : دار الفكر – بيروت ، 1993 عدد الأجزاء : 8 – (4 / 20)

وينقل هذا القول عنه أيضاً كل من : دلائل النبوة للبيهقي (3 / 113) ، وعيون الاثر في فنون المغازي والشمائل والسير تأليف : محمد بن عبد الله بن يحي ابن سيد الناس- (1 / 327) ، وسبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد ، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد المؤلف : محمد بن يوسف الصالحي – (4 / 26) ، ومرويات الإمام الزهري في المغازي المؤلف : محمد بن محمد العواجي الطبعة : الأولى 1425هـ/2004م .

وأخيراً لا آخراً : تاريخ الإسلام للإمام الذهبي – (2 / 106 .

وانظر لهذا الذي لا يدري ما يخطه قلمه ، فقد جمع بين الحسن وبين ما قاله عمر ، لكي ترى تاريخنا كيف كُتِب :

(( ثم قام عمر فقال فأحسن، ثم قال: يا رسول الله، إنها والله قريش وعزها ، والله ما ذلت منذ عزت ، والله ما آمنت منذ كفرت ، والله لا تسلم عزها أبداً ، ولتقاتلنك ، فاتهب لذلك أهبته ، وأعد لذلك عدته .

ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله ، امض لأمر الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها : ” فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ” ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك … وبرك الغماد من وراء مكة بخمس ليالٍ من وراء الساحل مما يلي البحر ، وهو على ثمان ليال من مكة إلى اليمن .

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم خيراً، ودعا له بخير . )) . الواقدي / المغازي / ج1 / غزوة بدر / ص17 .

فكيف يجتمع التثبيط في التهيأ للمواجهة وبين الحسن ؟!!!!

وانظر للرجل الأول أبي بكر ماذا يقول :

(( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشيروا علينا. فقال أبو بكر: أنا أعلم بمسافة الأرض. أخبرنا عدي بن أبي الزغباء : أن العير كانت بوادي كذا…) .

(( وقال عمر: يا رسول الله، إنها قريش وعزها، والله ما ذلت منذ عزت ولا آمنت منذ كفرت ، والله لتقاتلنك ، فتأهب لذلك . )) .

ما هذه الرجولة والشجاعة ؟!!!!! ما شاء الله !!!!!!!!!!!!!!

وقد مر عليك قول المقداد ، فقارن بعين السداد ، ومنه يظهر معدن الرجال .

أنظر الأقوال كلها : تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام / شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي /  تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري / دار الكتاب العربي / الجزء الثاني / الصفحة106 / ط1 / سنة النشر: 1407هـ – 1987م.

وماذا كان من الرسول صلى الله عليه وآله بعد قول المقداد ؟!!

هذا ما يظهر لك بتمني ابن مسعود أن يكون محله : (( ما رواه البخاري في صحيحه : حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال: سمعت ابن مسعود يقول : شهدت من المقداد بن الأسود مشهداً لان أكون صاحبه [ كان ] أحبَّ إليّ مما عدل به ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين .
فقال : لا نقول كما قال قوم موسى لموسى إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ، ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك ، [ قال ] فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه  لذلك ، وسره .

إنفرد به البخاري دون مسلم فرواه في مواضع من صحيحه من حديث مخارق به ، ورواه النسائي من حديثه وعنده : وجاء المقداد بن الأسود يوم بدر على فرس فذكره ….)) . البداية والنهاية / ج3 / ص321 .

الليلة الثالثة والعشرون :  التي يُرجى أن تكون ليلة القدر :

خصائصها :

1 ) : إنها الليلة التي أنزل فيها القران : قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر } .

2 ) : إنها ليلة لا زالت مباركة : قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة } .

3 ) : الأمور العظيمة من الآجال والأرزاق مثلاً فيها تسجل وتكتب : قال تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم } .

4 ) : إنها بصريح القران خير من ألف شهر ، قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر} .

5 ) : إن الملائكة تتنزل فيها : قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } .

6 ) : بل خُصَّت دون غيرها من أن الروح ( وهو ملك عظيم ، من أعظم ملائكة الله ) تنزل كذلك مع الملائكة .

7 ) : وهي سلام على ما صرح به القران الكريم : قال تعالى { سلام هي حتى مطلع الفجر } .

والعجيب أن كل هذه الخصائص قد ذُكرَت لها في سورة واحدة جامعة ، سمّيت بسورة القدر .

ولِمَ سميت هذه الليلة بليلة القدر ؟!

ولعلَّ ذلك يعود إما إلى :

أولاً : إنها ذات قدر ، أي قيمة ، أو شرف ، لأننا نقول إن هذا الشيء ذو قدر ، أي ذو قيمة ، وهذا ذو قيمة أي ذو شرف . أنظر : لسان العرب ، تاج العروس مادة قدر .

ثانياً : إن فيها تقدير الأمور الجليلة كما قال تعالى : ” فيها يفرق كل أمر عظيم ” .

(( قيل لها ذلك لشرفها أو لتقدير الأمور فيها . )) . أنظر لسان العرب .

ثالثاً : إن فيها تدبير الأمور (( والقَدْرُ : تَدْبِيرُ الأَمْرِ ، يُقَالُ : قَدَرَهُ يَقْدِرُه ، بالكَسْرِ أَي دَبَّرَه . )) . أنظر تاج العروس . وبما أن فيها تدبير الأمور الجسام لذا سميت بليلة القدر ، أي ليلة التدبير .

وإذا كان التقدير والتدبير واحد فالثاني والثالث واحد .

رابعاً : وبما أن معنى القدر (( والقَدْرُ: الشَّرَف ، والعَظَمةُ ، والتَّزِيينُ ، وتَحْسِينُ الصُّورَة . )) . تاج العروس / مادة قدر .  ، فكأنه في هذه الليلة التي هي خير من ألف شهر ، سوف تتحسن صورة العبد ، وتتزين من كثرة عبادته إن قضاها في طاعة الله تعالى ، ولذا فهي ليلة تحسين الصورة إذا صح التعبير .

خامساً : المعنى الجامع لكل تلك البدائع .

 

قبل الجواب اود ان اذكر بعض الشئ عنها سلام الله عليها .

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى قصي بن كلاب القرشية الأسدية .

ولدت سنة 68 قبل الهجرة (556 م) .

كانت تسمى في الجاهلية بالطاهرة . ( مجمع الزوائد / ج9 / ص218 ) .

وذكر الزرقاني في شرحه : وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة لشدّة عفافها.

بل كانت تسمى سيدة نساء قريش . ( شرح المواهب اللدنية / ج1 / ص199 ) .

وكفى في فضلها ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، عندما أدركت الغيرة عائشة فتكلمت بكلام ، أزعج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي إزعاج ، ولنتركها هي تنقل الخبر بنفسها ( كما جاء في ــ أسد الغابة ــ ، و ــ مسند أحمد / ج6 / ص118 ــ وقد ذكر ذلك أيضاً إبن حجر في فتح الباري في شرح صحيح البخاري / ج7 / 140 ، ج9 / 327 ــ وكذلك إبن كثير في البداية والنهاية / ج3 / ص126 ـــ :

حيث قالت : « كان رسول الله صلّى الله عليه وآله لا يكاد يخرج من البيت حتّى يذكر خديجة فيُحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيّام فأدركتني الغيرة ، فقلت: هل كانتْ إلاّ عجوزاً ، فقد أبدلك اللهُ خيراً منها .

فغضب حتّى اهتزّ مقدمُ شعره من الغضب ، ثمّ قال : لا والله ، ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنتْ بي إذْ كفر الناس ،

وصدّقتني إذْ كذّبني الناس ،

وواستني في مالها إذْ حرمني الناس ،

ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء )) .

(( وهذا الرد من الرسول لم يذكره البخاري ومسلم في رواياتهما التي انتهت بقول عائشة فأبدلك الله خيراً منها ، وإنما ذكر في رواية أحمد وغيره . . والبخاري ومسلم إنما قدما على سائر كتب الحديث لمثل هذا . فهما قد اختارا الروايات المبهمة والمبتورة فضلا عن الروايات التي تضفي المشروعية على الخط القبلي الذي ساد بعد وفاة الرسول . .

وإذا كان مسلم قد احتضن بعض الروايات التي تخص آل البيت والإمام علياً خصوم هذا الخط ، فإن البخاري أغلق الباب في وجهها تماماً ، ولعلّ هذا هو سبب تقديمه على مسلم وتسليط الأضواء عليه . . فقول الرسول ( ص ) عن خديجة إنها كانت وكانت . هي رواية البخاري الذي رفض قبول الروايات الأخرى التي تفصل مآثر خديجة ، ومكانتها العالية ، واختار هذه الرواية المبهمة . . )) . ص73 / صالح الورداني / دفاع عن السنة المحمدية .

وقال الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله: « أتاني جبرئيل فقال: يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأْ عليها السّلام من ربِّها ومنِّي ، وبشِّرها ببيتٍ في الجنّة من قصب ، ( وهو الزبرجد الرطب المرصع بالياقوت ) لا صخبَ فيه ، ولا نصب.  وقد روى ذلك البخاري في باب تزويج النبي خديجة ، وكذلك مسلم في صحيحه .

وقال صلّى الله عليه وآله : « خير نساء العالمين : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خُوَيلد ، وفاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله . ( أسد الغابة / لابن الأثير ) .

وقد تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله باكراً ، لا كما اشتهر وأشاعوه بين الناس من أنها كانت متزوجة سابقاً ، ولها ابنتان ، زينب ورقية ، بل هو من تدليس بني أمية ، وأذنابهم ، والقول به قد أتانا  لعدم التحقيق ، والتدقيق .

وقد طرح أيضاً هذه الأحدوثة المفكر الإسلامي المستبصر الأستاذ صالح الورداني في أحد مقالاته التي نشرت في مجلة روز اليوسف المصرية ، بتاريخ 23-6-1997 / العدد 3602 / الصفحة 97 .  ومن طريق الأعمار ، والزيجات والهجرة ، المتفق عليها تاريخياً ، بيّن كذبها وتلفيقها بما لا مزيد عليه .

(( ونحن نبين ونوضح وبالله التوفيق إن رقية وزينب زوجتي عثمان لم يكونا ابنتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا ولد خديجة زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنما دخلت الشبهة على العوام فيهما لقلة معرفتهم بالأنساب وفهمهم بالأسباب .

وذلك أنا نظرنا في الآثار المختلفة فيهما وما يصح به معرفتهما فوجدنا الإجماع من أهل النقل على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد كان زوّج هاتين المرأتين المنسوبتين عند العوام إليه في الجاهلية من أبي العاص بن الربيع ، ومن عتبة بن أبي لهب ، فكانت زينب عند أبي العاص ، ودخل بها وهي في منزله . وكانت رقية متزوجة بعتبة بن أبي لهب ولم يكن دخل بها وهي في منزله ….. )) . الإستغاثة / ج1 / ص64ــ65 / ابو القاسم الكوفي و هو السيد أبو القاسم علي بن أحمد بن موسى بن الإمام محمد الجواد عليه السلام .( ت253 هج. ) .

ثم تسائل صاحب الإستغاثة بعد ذلك (( لما كان الأثر موجوداً من غير خلاف في تزويجها في الجاهلية من رجلين كافرين ، لم يخل الحال في ذلك من أن يكون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في زمن الجاهلية على دين الجاهلية ، أو كان مخالفاً لهم بالإيمان بالله .  )) ص 67 .

ثم قال بعدها : (( ثبت أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في زمن الجاهلية على دين يرتضيه الله منه غير دين الجاهلية . وقد شرحنا من هذا الحال في كتاب الأنبياء ما فيه كفاية لأولي الألباب . ولما وجب ما وصفناه وثبتت حجته كان محالاً أن يزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابنتيه من كافرين من غير ضرورة دعت إلى ذلك وهو مخالف لهم في دينهم ، عارف بكفرهم وإلحادهم .

ولما فسد هذا بطل أن تكونا ابنتيه ، وصح لنا فيهما ما رواه مشايخنا من أهل العلم عن الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) .

وذلك أن الرواية صحت عندنا عنهم أنه كانت لخديجة بنت خويلد من أمها أخت يقال لها هالة قد تزوجها رجل من بني مخزوم فولدت بنتاً اسمها هالة ، ثم خلف عليها بعد أبي هالة رجل من تميم يقال له أبو هند ،  فأولدها ابناً كان يسمى هند بن أبي هند ، وابنتين فكانتا هاتان الابنتان منسوبتين إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، زينب ورقية من امرأة أخرى قد ماتت .

ومات أبو هند وقد بلغ ابنه مبالغ الرجال والابنتان طفلتان وكان في حدثان تزويج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بخديجة بنت خويلد ، وكانت هالة أخت خديجة فقيرة وكانت خديجة من الأغنياء الموصوفين بكثرة المال ، فأما هند ابن أبي هند فإنه لحق بقومه وعشيرته بالبادية ، وبقيت الطفلتان عند أمهما هالة أخت خديجة ، فضمّت خديجة أختها هالة مع الطفلتين وكفلتهم جميعاً .

وكانت هالة أخت خديجة هي الرسول بين خديجة وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حال التزويج .

فلما تزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بخديجة ، ماتت هالة بعد ذلك بمدة يسيرة ، وخلّفت الطفلتين زينب ورقية في حجر رسول الله (صلى عليه وآله وسلم) وحجر خديجة فربياهما ……

فلما ربى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخديجة هاتين الطفلتين ابنتي أبي هند زوج أخت خديجة نسبتا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخديجة …. )) . ص68ــ69 . / ج1 / الإستغاثة .

وذكر تحقيقَ ذلك أيضاً السيّد جعفر مرتضى العامليّ في كتابه ( الصحيح من سيرة النبيّ صلّى الله عليه                       وآله ـ دراسة وتحليل ) .  ج 1 / ص 123 ..

أنظر كذلك لتتبين أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قد تزوّج بخديجة وكانت عذراء : أحمد البلاذريّ في ( أنساب الأشراف ) ، والشريف المرتضى في ( الشافي ) ، وأبو جعفر الطوسيّ في ( تلخيص الشافي ) ، و ابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب ،  والمجلسي في بحار الأنوار .

وانظر كذلك : نسب قريش لمصعب الزبيري .

فمن جهات واضحة يبطل هذا القول المشهور ، ويصدق المثل القائل ” رب مشهور لا أصل له ” :

1 ) : بهذا النقل الواضح ، من القريبين من أهل البيت عليهم السلام ، فهم أدرى .

2 ) : بما بيّنه ووضّحه المفكر الإسلامي المستبصر الأستاذ صالح الورداني في أحد مقالاته ، التي أشرنا إليها فيما سبق .

3 ) : هل يُعقل أن تتزوج هذه المرأة الجليلة المشهورة في قومها ، التي تمناها سادات قريش ولم يحضوا بها ، أن تتزوج من نكرتين ، لا يُعرف عنهما شيئاً غير هذه الكذبة الوقحة .

(( وذلك أن الإجماع من الخاص والعام من أهل الآثار ونقلة الأخبار على أنه لم يبق من أشراف قريش ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم إلا من خطب خديجة ورام تزويجها فامتنعت على جميعهم من ذلك ، فلما تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غضب عليها نساء قريش وهجرنها ، وقلن لها : خطبك أشراف قريش وأمراؤهم فلم تتزوجي أحداً منهم ، وتزوجت محمداً يتيم أبي طالب ، فقيراً لا مال له ، فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة يتزوجها أعرابي من تميم وتمتنع من سادات قريش وأشرافها على ما وصفناه ؟! ألا يعلم ذو التميز والنظر أنه من أبين المحال وأفظع المقال ، ولما وجب هذا عند ذوي التحصيل ثبت أن خديجة لم تتزوج غير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) )) . )) . ص70 / الإستغاثة / ج1 / أبو القاسم الكوفي .

4 ) : (( هذا، فضلاً عن أنّ خديجة سلام الله عليها كانت حنيفيّة على دين النبيّ إبراهيم الخليل شيخ الأنبياء صلوات الله عليه ، موحِّدةً عارفة ؛ لذا انجذبت إلى حبيب الله المصطفى خَيْر خيرة الله صلّى الله عليه وآله ، وكانت في أوّل شبابها قد سمعت ذلك الراهب يقول لها ولثُلّةٍ من بنات قريش : لا أدري أيتكنّ صاحبةُ نبيّ آخِر الزمان ! فسَخِرْن منه ورشقْنَه ، إلاّ خديجة ، فقد تمنّت أن تكون صاحبة خاتم الأنبياء ، وكتمَتْ ذلك حتّى وُفّقتْ إليه فنالت بُغيتها المباركة . )) .

فكيف تقترن برجل نكرةٍ مشرك مجهول اسمه أبو هالة بن زُرارة التميميّ ، أو بآخَرَ مجهولٍ أيضاً اسمه عتيق بن عائذ المخزوميّ ؟!

ما لكم كيف تحكمون ؟!

بما إن المسألة دقيقة والأمر محصور بين وجوبين وحرمتين بين وجوب صوم شهر رمضان ووجوب الإفطار في يوم العيد ،  وحرمة إفطار شهر رمضان وحرمة صوم يوم العيد ،  وإنها تتكرر سنويا لذا أحببنا التنويه والإرشاد .

لوتمعنا في قول علمائنا وأدركنا المصاديق بصورة دقيقة وتأكدنا منهم لما وقعنا فيما وقعنا فيه.

وأحسن ما نفعل هو الرجوع إلى الرسالة العملية للسيد الخوئي رحمه الله تعالى  لنر ما هو الرأي الصواب بالمسألة ومن أين وقع الغلط والإشتباه للمشايخ الأجلاء ؟ .

يقول السيد الخوئي في رسالته العملية ( منهاج الصاتلحين ) ج1 تحت الفصل السادس وتحت عنوان ثبوت الهلال : 

 (  يثبت الهلال بالعلم الحاصل من الرؤية ، أو التواتر ، أو غيرهما بالإطمئنان الحاصل من الشياع أوغيره  ) وربما يتمسك من يريد موضعا لصحة كلامه بهذه الجملة الأخيرة ؛ ولكن هذا الكلام مع الأسف لا يساعد إطلاق كلامهم ولا ما فطروا الناس عليه وذلك :

       أولا : لأن الكلام هنا مرتكز على الإطمئنان وهو الإطمئنان الشخصي إذا حصل بالرؤية ،  أوالإطمئنان النوعي إذا حصل بالتواتر أو الشياع لا أي شياع بل الشياع الحاصل برؤية الهلال مثلا كما أنه قد يحصل ( بشهادة عدلين ) برؤية الهلال وهذا أجنبي عن كلامهم الذي فطروا الناس عليه لأنهم قالوا من كان مقلدا للسيد الخوئي عليه أن يفطر ولم يبلغوا الناس أنه من حصل لديه إطمئنان برؤية الهلال وكان مقلدا له فعليه أن يفطر ؛ وفرق كبير بين القولين كما هو بيِّن ، فظن كثير من الأخوة بل حتى بعض المشايخ أن ثبوت الرؤية بما أنه قد حصل عند بعض العلماء فعليه يجب الإفطار وهو الخطأ بعينه إذ أن السيد قدس الله نفسه لا يرى حكم الحاكم مثبتا للهلال ويستشكل فيه حتى لو كان الحاكم لا يُعلم خطأه ولا خطأ مستنده إذ يقول :  ( وفي ثبوته بحكم الحاكم الذي لا يُعلم خطأه ولا خطأ مستنده إشكال بل منع )  فكيف بالفتوى حتى جعلوا الناس يفطرون عليها مطلقا حتى وإن كانوا من مقلدي غيرالثابت لديه الهلال من العلماء ؟ 

كما نزيد على ذلك ثانيا : إذا كان الهلال ليس فيه تقليد فلماذا أمروا مقلدي السيد الخوئي بالإفطار ؟

وإذا كان الجواب لأنه يقول بوحدة الآفاق فقولهم الذي فطَّروا الناس عليه على إطلاقه يشمل حتى الذي يقلد من لايقول بوحدة الآفاق بل العلماء وغيرهم قاطبة إذ الذي  يحصل له العلم بدخول شهر شوال يجب عليه الإفطار سواء كان مقلدا للسيد الخوئي أوغبره وسواء كان هذا الغير يقول بوحدة الآفاق أم باختلافها فلماذا خصصوا مقلدي السيد الخوئي ؟

 وأخيرا نقول :  لو شككننا بدخول شهر شوال بل حتى لو ظننا بدخوله فليس لنا الإفطار لأن استصحاب بقاء شهر رمضان جارٍ هنا بلا ريب ولا شك فلا يصح منَّا الإفطار ولو فعلناه متعمدين فقد ارتكبنا محرماً وعلينا أن ندفع كفارة الإفطار المتعمد وعلينا قضاء ذلك اليوم ، كما هو واضح .

وبناءً على ذلك كله :  الذي فطر على قول مَن يُعتَمَد على قوله وهو غير مطمئن بدخول شوال إلا على قول هذا الناقل فعليه ان يصوم يوما بدله فقط ، والذي فطر تهاونا وعلى قول مَن ليس أهلاً بمعرفة هذه الأمور فعليه بالإضافة الى ذلك دفع كفارة الإفطار المتعمد أيضاً .  

 وأما الذي سافر وهو من مقلدي السيد الخوئي ليتخلص من الإشكال فقد وقع في الإشكال من حيث لا يدري لأن السيد الخوئي يرى تبييت النيّة شرطاً للإفطار عند السفر مع الأسف .

ونصيحتي الأخيرة أخيراً لمن سافر و أفطر ثم رجع وصلى بالناس صلاة العيد هذا ليس فعلاً صحيحاً لأنه تغرير بإخوتك المؤمنين الذين يعتمدون عليك ،  وكان عليك أن تبين لهم هذا الأمر لا أن تصلي بالناس صلاة العيد وأنت شاك بحلول العيد يا أخي العزيز ، فأرجو من الله تعالى ألا يتكرر ذلك لا منك ولا من غيرك ، والله تعالى هو العاصم والمسدد ؛  والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته .  

                                                                                   أخوكم في الله محمد حسين الأنصاري

                                                                                               سدني  _  أستراليا

                                                                                        أوائل شهر شوال / 1424 هج.

كل زواج صحيح إذا كان صحيحاً عند ملتهم فحينئذ لا يصح زواجك من أي امرأة متزوجة من الملل التي يصح الزواج منها إلا إذا طُلِّقَت وصح طلاقها في ملتهم ، عند ذاك وبعد العدة يصح زواجك منها.

طلاء الأظافر بما هو لا يُفسد الوضوء. ولكن إذا وضع قبل الوضوء يكون حينئذ مانعاً من وصول الماء إلى البشرة فلا يصح الوضوء . ويمكن لك أن تتوضي ثم بعد ذلك تضعينه. وإذا كان على الأظافر و أردت أن تتوضي فتزيلنه ثم تتوضين . هذه على جميع الآراء ولا اختلاف.

نعم يجوز ولا إشكال فيه على ما بينتم وهو ما اطلعنا عليه من صفتها.

أجيبك الآن سريعاً ومختصراً لتستقر نفسك أولا ثم إذا أحببت أن أطيل وكان لدي الوقت الكافي فسأكون من المسرورين أن أخاطب أخاً مؤمناً مثلك هدانا الله تعالى لسواء السبيل دائماً
أخي العزيز أقول لك بملئ فيَّ إن السؤال ليس بعيب بل السؤال دلالة على الإيمان والوعي والمعرفة والله يحب العالم والمتعلم ولا خير في ثالثهما . والأسئلة دائما تتكددس في رأس المؤمن أمثالك ، فتزيده بصيرة في دينه ومعرفة في أمره . ودينك هو الذي يأمر بالسؤال والتفكر والتدبر ليصل الإنسان إلى الحقيقة ولذا كتابه الكريم أمرنا بالتدبر والتفكر والنظر وإلإتيان بالبينة والإستدلال بالدليل وإقامة البرهان وطالب بها فلا يريد للمؤمن أن يسلك الطريق وهو لا بصيرة له بل وجد آبائه على ملة وهو على آثارهم ، وهو ما عابه على أقوام ، إذا التفكر والتدبر والسؤال كله يدل على عين العقل وهو ما أمر الله به تعالى . هذا أولاً .

ثانياً فكر في نفسك فمن عرف نفسه فقد عرف ربه خاصةً وأنت تقول أعتقد أن خالق هذا الكون هو عظيم….لا شك عندي هو عظيم جدا ومبدع في خلقه فإذا كان كذلك وكما وصفت ، وأنت إنسان ضعيف كما تقول ، وعقلك تابع لك فهو ضعيف مهما تقدم بالتعقل بالنسبة إليه سبحانه ، فإذا كان كذلك وهو كذلك فإذاً لابد أن عقلك لا يحيط بالعلة التامة لهذا الإبداع ولهذا الخلق ، ففي مثل ذلك عليك أن تذعن لهذه الحقيقة بدواً لتستقر نفسك من الجدال العقيم وتأتي بما هو مفيد لينقذك من التخبط والضياع.

وحالتك هذه تدل على إيمانك كما أخبرتك ولا أجاملك بشئ قلته ولن أجاملك في طريق الله فسؤالك يدل على إيمانك الراسخ ، والشيطان يريد أن يتلاعب بك ، فاستعذ أولاً من الشيطان الرجيم ثم قل بسم الله الرحمن الرحيم وصل على النبي المصطفى صلى الله عليه وآله ثم خر لله ساجداً وفي سجودك ادعو الله لأن يهديك سواء السبيل ويوفقك لصراطه المستقيم واتباع الحق والثبات عليه ، اللهم ثبتنا على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة . ولا تنس أن تبدأ دعائك بالصلاة على محمد و آل محمد صلى الله عليه وآله والختام به وإذا أكملت هذا فللحديث بقية علمية.

واعذرني لأذكرك فلا زلت مسلماً تريد الحقيقة وتبحث عنها فلا تتنازل عن أثمن شئ عندك ومقدمة أقول لك الإيمان بالله تعالى إذا حصل للباحث عن حقيقة الوجود لا تشغله حينئذٍ هذه الأمور المحشورة بسؤالك فلها حكمتها وتوجيهاتها البينة لكل متتبع وعاقل فابحث أولاً هل لهذا الكون من خالق ومصور أم لا ؟ فإذا آمنت بذلك ، فانتقل للسؤال الآخر الكون يدل على الحكمة والنظام والتنسيق فلابد أن يكون الخالق حكيماً بل كامل ومنزه عن كل نقص و إلا لما كان للموجودات من أثر فوجودها يدل على الكمال وهذا هو التسبيح ، وحيث أتمه وأعطاني ( لاحظ وأعطاني ) التفكير والتدبر بحيث وصلت إلى معرفة ذلك فله الحمد
وسيأتيك بيان أكثر يرتكز على أن صفات الخالق يجب أن تختلف عن صفات المخلوقين وهو عين ما ذكرناه أولاً ولكن بتعبير آخر ولهذا نقول سبحان الله وبحمده في صلواتنا فإذا تجاوزنا هذه المرحلة فللكلام بقية.

قال الإمام علي عليه السلام : ثمرة العلم معرفة الله .

وقال عليه السلام :

الحمد لله : الذي لا يبلغ مدحته القائلون ، و لا يحصي نعمه العادون ، و لا يؤدي حقه المجتهدون ،

الذي لا يدركه بُعدُ الهمم ،

و لا يناله غوصُ الفِطن ،

الذي ليس لِصفته حد محدود ،

و لا نعت موجود ،

و لا وقت معدود ،

و لا أجل ممدود ،

فطر الخلائقَ بقدرته ،

و نشر الرياح برحمته ،

و وتد بالصخور مَيَدانَ أرضِه .

أولُ الدين : معرفته ،

و كمالُ معرفته التصديقُ به ،

و كمالُ تصديقه توحيده ،

و كمالُ توحيده الإخلاص له

وكمالُ الإخلاص له نفي الصفات عنه

لِشهادة كلِّ صفة أنها غيرُ الموصوف

وشهادةِ كل موصوف أنه غير الصفة

فمَن وصف اللّهَ سبحانه فقد قرنه ،

ومن قرنه فقد ثنّاه ،

ومن ثنّاه فقد جزّأه ،

ومن جزّأه فقد جهله ،

ومن جهله فقد أشار إليه ،

ومن أشار إليه فقد حدّه ،

ومن حدّه فقد عدّه )) .

وهنا أريدك أن تتأمل ، إذ يظهر أن هناك صفات لا يمكن لله أن يتصف بها .

فهناك صفة وهناك موصوف .

فهنا حقيقتان إذ حقيقة الموصوف تختلف عن حقيقة الصفة ، فيكون لدينا شيئان .

بينما الله واحد أحد .

فلذا لا يمكن أن نصفه بأي صفة ، بل نقول من أن صفاته عين ذاته ( وهذا حديث آخر ربما سيأتي الكلام حوله ) .

المهم للذي نحن بصدده ( فمن وصف اللّه سبحانه فقد قرنه ) ، أي جعل له قرينا وهو الصفة الخارجة عن ذاته .

وبذلك فقد ثنا الله سبحانه أي جعله اثنين لا واحد ، ولذا قال عليه السلام ومن قرنه فقد ثنّاه .

وهنا وقع القائل بذلك في خطأ آخر إذ من ثنّاه فقد جزّأه ، أي من جعله ثاني اثنين فقد جعل له أجزاءاً ، وهو أحد الأجزاء .

ومن جزّأه فقد جهله .

فإذاً هو واحد أحد فرد صمد .

أي بمعنى آخر وهو الذي أريدك أن تركز عليه أنّ صفات المخلوقين لا يُمكن أن تكون صفاتٍ للخالق أبدا .

فلكلٍ صفاته الخاصة به .

ومن هنا سنبدأ بالحديث .

وأنتظر الجواب منك .والسلام.

عليك بصلاة الليل وأن تدس فيها صلاة جعفر الطيار وتدعو فيها والله المسدد والعالم والهادي والحفيظ .

الطريقة أن تمسح من المخرج ( المقعدة ) إلى أصل القضيب ثلاثا ثم من أصل القضيب إلى طرفه ( الحشفة ) ثلاثا. ثم تنتر الحشفة ثلاث مرات مع ( التنحنح ) في كل مرة فهذه هي الخرطات التسع.

الأولى الإجتناب لأنه من القاذورات.

هذا يُخالف القران الكريم والأحاديث المباركة على عظمتها لو خالفت القران فإما أن نرد علمها إليهم أو نضرب بها عرض الحائط. فهذا القول ، والبحر والكوج هل هو كلام الصادق الأمين أم تخيلات ووهم المتكلم الذي لا يَعرف نفسه فكيف يريد أن يعرف ربه؟
لا يستطيع أن يواجه بعض مخلوقاته فكيف يريد أن يواجه لكي يتمعن به ويضرب له مثالاً
وهل اطلع على جزئيات العالم فضلاً عن الأجرام الكبيرة لكي يضرب لباريه مثالاً منها؟
فوالله ما ذلك إلا الضلال إياً كان أستاذك ومن كان فالحذر الحذر من هؤلاء قبل فوات الأوان ، وقبل غرق السفينة ولا زالت الدفة في اليدين قال تعالى ( ليس كمثله شئ )فكيف تكون موجاً منه؟
وقال تعالى ( قل هو الله أحد * الله الصمد ) فإذا كان صمداً فكيف يكون العالم جزءاً منه؟

أو كالموج والبحر فأين الصمدية؟

وهو خالق كل شئ فكيف يكون الخالق والمخلوق واحداً؟

وهذا الذي ذكرت أقوال شاعر وليس كل ما يقوله الشعراء صادقاً بل لعل المعادلة بالعكس.
ولا يُقاس دين الله بالعقول فكيف برب الدين؟

فلا تتحير واضرب بآراء أستاذك عرض الجدار واتجه إلى الله وإلى مَن أمرك أن تلتزم بهم في أوقات المحنة والشدة وكثرة الفتن وما هم إلا أئمتك أئمة الهدى وعلماؤك الواعون الآخذون من أهل البيت عليهم السلام لا الناقلون عن الصوفية وأشباههم . فانتبه لهذا تكن من الناجين إن شاء الله تعالى.

الظاهر الجواز لأن الصيد في زماننا يتم بواسطة السفن الكبيرة وهذه تصطاده بالشباك الكبيرة التي رأينا مثالها في التلفزيونات حيث يُستخرج السمك وأغلبه يكون حيا ويموت على سطحها والقليل غير المعين المختلط بهذه الكميات لا يضر على آراء علماء الطائفة المحقة ، يبقى شئ وهو عليك أن تتأكد من أن السمك ذو قشور.

الوارد هو الأذان في أذنه اليمنى ، والإقامة في أذنه اليسرى، ثم في اليوم السابع تتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة ، وتعق عنه ( أي تذبح عنه شاة بعنوان العقيقة عنه ) وتدعو عليها أربعين مؤمناً بعد أن تطبخها بماء وملح ، وفي أيامنا أغلبهم يوزعها لحماً على المؤمنين.

كفارة نقض العهد ككفارة إفطار يوم من شهر رمضان المبارك وهي عبارة عن عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً. والكفارة كما لاحظتم مخيّرة ، والرقبة كانت في زمن الشارع. ،
و أما مقدار الكفارة : فلكل مسكين مُدّ من الطعام ، ومقداره 3/4 الكيلو طعام إما أن تعطيه بصورة مباشرة ، لكل مسكين مد ، أو توصل ثمن ذلك لمن يشتري به طعاماً لكم ثم يوزّعه على المساكين نيابة عنكم.

إذا كنت تقبض من السنترلنك لا يجوز لك ذلك ، لأنه يجوز العمل ضمن القانون ، فإذا كنت مستطيعاً للعمل فلا تأخذ من السنترلنك ، وإذا كنت لا تستطيع فكيف تعمل؟ المهم بحسب الفتوى لا يجوز مخالفة القانون.

هناك ما يُسمى بالتفائل بالقران وهو مكروه ، وهناك الإستخارة وهي حسنة
والإستخارة لا تكرّر ، والعمل بها ليس واجباً شرعياً ، فله أن يتركها ، ولكن ننصح بعدم مخالفتها ، وليكن الدعاء والصدقة قبلها .

نعم يكفي إلا إذا عُلم أنه قد أخذه من يد غير المسلم وهو لا يعتني بهذه الأمور الشرعية فله حكم أخر.

العمل بنفسه جائز ولكن مع عدم بيع الخمور.

في حالة رؤية الهلال ليلة يوم الشك : فإذاً ذلك اليوم هو أول أيام الشهر المبارك ، فنيته من شهر رمضان .

في حالة عدم الرؤية : فالنية تكون بالكيفية التالية :

أ ) : إن كان على المكلف قضاء ، فنيته حينئذٍ القضاء .

ب ) : إن لم يكن عليه قضاء :

فالنية إما أن تكون استحباباً .

أو أن ينوي أن يصوم ما في الذمة .

وعلى جميع التقادير إذا ظهر أنه من شهر رمضان في أي ساعة من ساعات النهار إلى وقت الإفطار فعليه أن يقلب نيته إلى أنه يصوم هذا اليوم من شهر رمضان ، ويصح صومه .

وأما إذا ظهر بعد ذلك أنه من شهر رمضان ، فصومه يكون صحيحاً ، ولا إشكال فيه أصلاً ، أيضاً .

وله أن يفطر ، وإذا تبين أنه من شهر رمضان بعد ذلك فلا يكون مأثوماً ، ويكون مطلوباً يوماً واحداً عليه قضاؤه .

نعم إذا تبين له أنه من شهر رمضان نهاراً فعليه أن يُمسِك بقية نهاره ، ويكون كذلك مطلوباً يوماً واحداً ، ولا شئ عليه .

وتنبيه مهم :

لا يصح أن ينوي :

(إن كان من شهر رمضان فمن شهر رمضان ، أو من شهر من شعبان فمن شعبان) ، أي أن نيته تكون مرددة .

وكذلك لا يصح أن ينويه من شهر رمضان .

ونعيد القول من أن هذا كله إذا لم يُر الهلال في تلك الليلة  .

الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتاً شايعاً لأهل البلد ، يتعارف عندهم التغذي به ، وإن لم يقتصروا عليه ، سواء أكان من الأجناس الأربعة ( الحنطة والشعير والتمر والزبيب ) أم من غيرها كالأرز والذرة .المقدار الواجب صاع واحد ، أي ثلاث كيلوات .

مسألة مهمة : يجب أن يقصد البدلية عن الطعام الخاص ، عندما يدفع المال كزكاة .

قال السيد محمد سعيد الحكيم في بداية مقصدها :

(( هي من الزكاة الواجبة ، وقد روي أن من لم تؤد عنه خيف عليه الموت في سنته ، كما أنه يظهر من بعض النصوص أن بها تمام الصوم .)) .

وقال العلماء في رسائلهم :

مسألة : الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتاً شايعاً لأهل البلد يتعارف عندهم التغذي به ، و إن لم يقتصروا عليه سواء أ كان من الأجناس الأربعة ( الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب ) أم من غيرها كالأرز و الذرة .

ومن فتاوى السيد السيستاني :

مسألة 1178 : المقدار الواجب صاع و هو أربعة أمداد ، و يكفي في المقام احتساب المد ثلاثة أرباع الكيلو فيكون مقدار الصاع بحسب الكيلو ثلاث كيلوات . و لا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه مع ما يخرجه عن عياله ، و لا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر .

والسيد محمد سعيد الحكيم ينفرد بمقدارها حيث يراه أنه بمقدار ثلاث كيلوات ونصف تقريباً .

تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد ، على المشهور ، و يجوز تأخيرها إلى زوال الشمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد ، و الأحوط لزوماً عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها ، ( وإن كان عند البعض هذا الإحتياط استحبابي ) ، و إذا عزلها جاز له التأخير في الدفع إذا كان التأخير لغرض عقلائي ، كما مر في زكاة الأموال ، فإن لم يدفع و لم يعزل حتى زالت الشمس فالأحوط ـ وجوباً ـ الإتيان بها بقصد

القربة المطلقة .

ومن مسائل السيد السيستاني ، وهي مطابقة لرأي أغلب فقهائنا كذلك :

مسألة 1179 : الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان ، و إن كان الأحوط استحباباً التقديم بعنوان القرض .

مسألة 1181 : إذا عزلها تعينت ، فلا يجوز تبديلها ، و إن أخر دفعها ضمنها إذا تلفت مع إمكان الدفع إلى المستحق على ما مر في زكاة المال . ص 383 .

مسألة 1182 : الأحوط لزوماً عدم النقل خارج البلد مع وجود المستحق فيه ، نعم إذا سافر عن بلد التكليف إلى غيره جاز دفعها في البلد الآخر .

مسألة 1184 : إذا لم يكن في البلد من يستحق الفطرة من المؤمنين يجوز دفعها إلى غيرهم من المسلمين ، ولا يجوز إعطاؤها للناصب .

وإن كان ينفرد تقريباً بأنه مِن الأحوط لزوما اختصاص مصرف زكاة الفطرة بالفقراء و المساكين ، مع استجماع الشرائط المتقدمة في زكاة المال ، لأن أغلب فقهائنا يرى أن مصرفها الأصناف الثمانية للزكاة .

 

وهذه مسائل تتعلق بها من رسالة سماحة السيد السيستاني دام ظله :

زكاة الفطرة ووقت إخراجها ومصرفها :

… يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه وعن كل من يعول به، واجب النفقة كان أم غيره، قريباً أم بعيداً مسلماً أم كافراً، صغيراً أم كبيراً، بل الظاهر الاكتفاء بكونه ممن يعوله ولو في وقت يسير، كالضيف إذا نزل عليه قبل الهلال وبقي عنده ليلة العيد وإن لم يأكل عنده، وكذلك فيما إذا نزل بعده ( أي بعد الهلال )على الأحوط لزوماً ، وأما إذا دعا شخصاً إلى الإفطار ليلة العيد لم يكن من العيال، ولم تجب فطرته على من دعاه…. من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه، وإن كان الأحوط – وجوباً – عدم السقوط إذا لم يخرجها من وجبت عليه عصياناً أو نسياناً… وإذا كان المعيل فقيراً وجبت على العيال إذا اجتمعت شرائط الوجوب…إذا ولد له ولد بعد الغروب، لم تجب عليه فطرته. ولا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه مع ما يخرجه عن عياله، ولا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر.
وقت زكاة الفطرةتجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور ويجوز تأخيرها إلى زوال الشمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد والأحوط لزوماً عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها، وإذا عزلها جاز له التأخير في الدفع إذا كان التأخير لغرض عقلائي، كما مر في زكاة الأموال، فإن لم يدفع ولم يعزل حتى زالت الشمس فالأحوط – وجوباً – الإتيان بها بقصد القربة المطلقة.
… يجوز تقديمها في شهر رمضان، وإن كان الأحوط استحباباً التقديم بعنوان القرض.
… يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الأجناس أو من النقود بقيمتها ؛ وفي جواز عزلها في الأزيد بحيث يكون المعزول مشتركاً بينه وبين الزكاة إشكال، وكذا جواز عزلها في مال مشترك بينه وبين غيره وإن كان ماله بقدرها …. إذا عزلها تعينت ، فلا يجوز تبديلها ، وإن أخر دفعها ضمنها إذا تلفت مع إمكان الدفع إلى المستحق على ما مر في زكاة المال…. يجوز نقل زكاة الفطرة إلى الإمام عليه السلام أو نائبه وإن كان في البلد من يستحقها، والأحوط لزوماً عدم النقل إلى غيرهما ( أي إلى غير الإمام ونائبه ) خارج البلد مع وجود المستحق فيه ، نعم إذا سافر عن بلد التكليف إلى غيره جاز دفعها في البلد الآخر.
مصرف زكاة الفطرة

الأحوط لزوما اختصاص مصرف زكاة الفطرة بالفقراء والمساكين مع استجماع الشرائط المذكورة في زكاة المال…. تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي ، وتحل فطرة الهاشمي على الهاشمي وغيره، والعبرة على المعيل دون العيال ، فلو كان العيال هاشمياً دون المعيل لم تحل فطرته على الهاشمي ، وإذا كان المعيل هاشمياً والعيال غير هاشمي حلت فطرته على الهاشمي…. إذا لم يكن في البلد من يستحق الفطرة من المؤمنين يجوز دفعها إلى غيرهم من المسلمين، ولا يجوز إعطاؤها للناصب.
… يجوز للمالك دفعها إلى الفقراء بنفسه ، والأحوط استحباباً والأفضل دفعها إلى الفقيه.
… يستحب تقديم الأرحام والجيران على سائر الفقراء ، وينبغي الترجيح بالعلم، والدين، والفضل .

نعم.

إن كانت عامة فنعم ، وإن كانت خاصة فتحتاج ، إلا إذا كانت هناك قرينة تدل على السماح ، كتهيئة مكانٍ لها مثلاً ، هذا كله إذا كان هناك وقت مخصص لك فيه لقضاء شؤونك الخاصة من الأكل ….الخ وإلا فالأمر مشكل من جهة أن وقتك مسـتأجر لرب العمل ، فانتبه.

نعم.

لا يجوز إلا إذا كان حرجاً شديداً لا يتحمله العقلاء ،وعليك لو استطعت أن تستعمل القفازات وما أشبهها لمنع الملامسة وحينئذٍ فهي جائزة بشرط عدم الضغط على اليد.

إذا كانت مأمونة على نفسها فنعم.

لا يجوز إذا كان هذا مستدعٍ للخروج من البيت أو الإخلال بما له من حقوق شرعية

إذا كنت مقلداً للسيد الخوئي قدس الله نفسه فلديه احتياط وجوبي بهذا ، فإذا أردت أن تخفف على نفسك مثلاً فتحوّل في هذه المسألة إلى السيد السيستاني حفظه الله تعالى.

نعم يجب تخميسها اذا لم تكن للمؤنة وعليك بيع بعضها لتسد به الخمس إن لم يكن عندك ما تدفعه للخمس

: يعمل حسب تقليده إلا في حالة تقييد متعلق الاجارة نطقاً او انصرافاً.

نعم،تصح لِمن يقلد مَن يرى أن البسملة مِن اُي سورة اٌية مستقلة كالسيد الخوئي رحمه الله.

وكلّ يدعي وصلا بليلى    وليلى لا تقرُّ لهمْ بذاكا

الحكمة هي التي توصل للغايات والمقاصد لأنها أأمن طريق للهدف السامي و أخصره .

وقد قال الله تعالى في محكم كتابه في خطابه لرسوله الكريم صلى الله عليه و آله وبعدُ للمسلمين خاصة وللناس عامة: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) )[1]. فالذي يوصل هوالإعتصام بحبل الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفّرّقوا)، وقد قال رسوله صلى الله عليه وآله-وهذا ما اتفق عليه الفريقان-(يا أيها الناس إني تركتُ فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي)[2].وكفى بهذا ميزاناً. وبالرجوع لأهل الخبرة في معرفة أحكام الله ، لا إلى المثقفين وصانعي تلك الحركات الذين نشاهد أن أغلبهم مع الأسف من الذين يستعملون آلة الدين  للدنيا.

 

ومن هنا أستغلُ الظرفَ لأقدمَ نصيحتي لإخواني هؤلاء مكرراً – ما نصح به القران الكريم – بخطاب الجليل الجليل قبل أن يأتي ما وعد ربنا وهو أصدق القائلين ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (159)) [3].

 

ونختم هذا الجواب ببعض ما جاء في عهد أمير المؤمنين عليه السلام  لمالك الأشترالنخعي عليه الرحمة :

( وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ  وَ اللُّطْفَ بِهِمْ ،  وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتنِمُ أَكلهُمْ ،  فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ :  إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ ،  وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ ،  يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ ،  وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ ،  وَ يُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ ، فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثلَ الَّذِي تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ ) [4].

[1] سورة الروم: 30-32.

[2] صحيح الترمذي / باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه و آله /ج13 / 199 وقد رواه غيره ومنهم صحيح مسلم ومسند أحمد بألفاظ مقاربة، وقد صرح بعضهم بتواتره.

[3] سورة الأنعام: 158-159.

[4] نهج البلاغة.

بواسطة التوعية الفكرية الصحيحة ، وفهم الإسلام كما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه و آله.

وقد جاء عن علي أمير المؤمنين عليه السلام :

( هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَ شْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ حِينَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَايَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلَادِهَا أَمَرَهُ :

بِتَقْوَى اللَّهِ ،

وَ إِيْثَارِ طَاعَتِهِ ،

وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتِي لَا يَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَ لَا يَشْقَى إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا ،

وَ أَنْ يَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِيَدِهِ وَ قَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ ،  فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ ،

وَ أَمَرَهُ أَنْ يَكْسِرَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الشَّهَوَاتِ وَيَنْزَعَهَا عِنْدَ الْجَمَحَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ .) [1].

[1] راجع نهج البلاغة، الرسائل: 53 من كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي لما ولاه مصر وأعمالها.

هذا يرسمه القران قبل كل ناطق :

قال تعالى : ( اُدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) [1].

وقال عزَّ من قائل : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) [2].

وبَيّنَ في موضعٍ آخر(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [3].

بل كان خطاب الله تعالى لموسى وهارون على نبينا و آله وعليهما السلام حين أرسلهما إلى فرعون مع طغيانه وتمرده  وقوله أنا ربكم الأعلى بأن : ( قولا له قولاً ليناً، لعله يذكر أو يخشى) [4].

وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ( إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله فتكونوا كالراكب المنبتِّ الذي لا سفراً قطع ولا ظهراً أبقى ) [5].

[1] النحل: 125.

[2] المائدة: 2.

[3] آل عمران: 159.

[4] سورة طه: 44.

[5] وسائل الشيعة: ج1 ص109-110 ب26 ح269.

نعم الطريق هو ، بل هو المختار أولاً  شرعاً وعقلاً . قال تعالى ( ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم . ولا يلَقّاها إلا الذين صبروا، ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [1].

[1] فصلت: 34-35.

كثير من الاسباب تشترك في النشوء والتكريس ، بالإضافة إلى عدم الرجوع إلى العلماء الحقيقين ممّن فهم الفقه وتعمق به ، والإلتفاف حول التجمعات والأحزاب التي تُنشأ بدون قاعدة من الفقه الإسلامي المتين أو الأفراد الذين تسموا بالدعاة أو المشايخ ، أو أي لقب آخر مع أننا نعيش في زمن الإختصاصات إلا أن الدين أصبحت سوقه رائجة لِمَن نظر ولم يُشاهِد ،  ومن شهد ولم يبصر، ومن قرأ ولم يتفقه، ومن تفقه وما فقِهَ وبذلك أصبح لدينا علماء من ورق بجهود أنصاف المثقفين وبمساعدة الجهل ، وبأبواق ووسائل إعلام المغرضين من المنتفعين .

 

طبعاً يؤدي إلى الخوف والقلق والتردد وعدم الإستقرار النفسي والإجتماعي وهذه كلها لها تأثيرها السلبي في بناء الفرد فالمجتمع، لأنها ليست خاصة بالذي يفعلها بل تؤثر على كثير من البشر على اختلاف قربهم و بعدهم من موقع الحدث .

الجهاد مفهومه واضح عند المسلمين وما هو إلا دفاع عن العقيدة والناس الطيبين ، و إقامة شعائر الإيمان .

قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [1].

وقد جاء في الرواية عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام : (كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا بعث سرية بعث – إلى – أميرها فأجلسه إلى جنبه وأجلس أصحابه بين يديه ثم قال: سيروا باسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (ص) لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقطعوا شجراً إلا أن تضطروا إليها ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبياً ولا امرأة ، وأيّما رجل من أدنى المسلمين أو أقصاهم نظر إلى أحدٍ من المشركين فهو جارٍ حتى يسمع كلام الله ، فإذا سمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في دينكم، وإن أبى فاستعينوا بالله عليه وأبلغوه إلى مأمنه) [2].

وقد قال الله تعالى : (فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) [3].

ويقول أيضاً: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) [4].

ولو لاحظنا بدقة لَرأينا أن أصل الجهاد قد شُرِّع بما تحصره الآيات الكريمة :

1: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ) [5].

2 : (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين) [6].

3 : (وإما تخافنّ من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) [7].

وبالإضافة إلى ذلك يقول تعالى :

(لا ينهاكمُ اللهُ عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يُخرجوكم مِن دياركم أن تَبَرّوهم وتُقْسِطوا إليهم) [8].

وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة، ولا تتبعوا خطوات الشيطان، إنه لكم عدو مبين) [9].

وقال تعالى (ولو شاء ربُّك لَأمَنَ مَن في الأرض كلهم جميعاً ، أفأنت تُكرِهُ الناس حتى يكونوا مؤمنين) [10].

[1] النساء: 94.

[2] العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي / بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار / بيروت : مؤسسة أهل البيت عليهم السلام ط4، 1989م / ج97 / ص25.

[3] النساء:90.

[4] الأنفال:61.

[5] سورة البقرة: 190.

[6] سورة النساء: 75.

[7] سورة الأنفال: 58 .

[8] سورة الممتحنة: 8.

[9] سورة البقرة: 208.

[10] سورة يونس: 99.

أصل الرسالات كلها اللاعنف . إذ الأصل : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ) [1]‏.

[1] البقرة: 256.

بل اللاعنف وقد ظهر ذلك من الأجوبة السابقة ، و يأتي زيادة بيان باللاحقة .

وبقوله تعالى : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) [1].

وقد جاء من جملة كتب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لبعض عماله ( أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى إِقَامَةِ الدِّينِ ، وَأَقْمَعُ بِهِ نَخْوَةَ الْأ َثِيمِ وَأَسُدُّ بِهِ لَهَاةَ الثغْرِ الْمَخُوفِ ؛ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَى مَا أَهَمَّكَ وَاخْلِطِ الشِّدَّةَ بِضِغْث مِنَ اللِّينِ وَارْفُقْ مَا كَانَ الرِّفْقُ أَرْفَقَ وَاعْتَزِمْ بِالشِّدَّةِ حِينَ لَا تُغْنِي عَنْكَ إِلَّا الشِّدَّةُ ، وَاخْفِضْ لِلرَّعِيَّةِ جَنَاحَكَ وَابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَأَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَآسِ بَيْنَهُمْ فِي اللَّحْظَةِ وَالنَّظْرَةِ وَالْإِشَارَةِ وَالتَّحِيَّةِ حَتَّى لَا يَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِي حَيْفِكَ وَلَا يَيْأَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ وَالسَّلَامُ. ) [2].

فلا حظوا قوله عليه السلام ( وَارْفُقْ مَا كَانَ الرِّفْقُ أَرْفَقَ وَاعْتَزِمْ بِالشِّدَّةِ حِينَ لَا تُغْنِي عَنْكَ إِلَّا الشِّدَّةُ ، وَاخْفِضْ لِلرَّعِيَّةِ جَنَاحَكَ وَابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَأَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَآسِ بَيْنَهُمْ فِي اللَّحْظَةِ وَالنَّظْرَةِ وَالْإِشَارَةِ وَالتَّحِيَّةِ حَتَّى لَا يَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِي حَيْفِكَ وَلَا يَيْأَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ وَالسَّلَامُ. ) [3].

[1] فصلت: 34-35.

[2] من كتاب له عليه السلام  إلى بعض عماله / نهج البلاغة / الكتب والرسائل / كتاب رقم 46 .

[3] من كتاب له عليه السلام  إلى بعض عماله / نهج البلاغة / الكتب والرسائل / كتاب رقم 46 .

لا نفهم منه إلا السلب ، وعلى هذا – وبالخصوص على التعريف الأول الذي مر بجواب السؤال الأول – فسيكون العنف خلاف الحكمة ، لأنَّ الخرق الذي عُرِّفَ به العنف هو ضدٌّ للحكمة ؛ والشرع أصل الحكمة فهو خلاف الشرع إذن . لأن الله سبحانه يقول : (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين) [1].

ويقول الله تعالى : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) [2].

وقد ورد عند العامة (إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه) [3].

[1] الجمعة: 2.

[2] النحل: 90.

[3] صحيح مسلم، ج16، ص362، (بيروت: دار المعرفة، 1995م، ط2).

أولاً : العنف : يُعرَّف العنف بأنه (الخُرْق بالأمر وقلَّة الرِّفْق به، وهو ضد الرفق) [1].

ويقول الطريحي في مجمع بحرينه بأنه (الشدة والمشقة، ضد الرفق) [2].

وأما في كتاب الفروق لأبي هلال العسكري فهو (التشديد في التوصل إلى المطلوب) [3].

وأما الإرهاب : فهو مشتق من : (رَهِبَ، بالكسر، يَرْهَبُ رَهْبَةً ورُهْباً، بالضم، ورَهَبَاً، بالتحريك، أي خاف. ورَهِبَ الشيء رَهْباً ورَهَباً ورَهْبةً: خافَه. والاسم: الرُّهْب…) [4].

إذن هو الخوف أو بمعنى أصح التخويف ، ولذا قال الزبيدي في تاج عروسه : (الإرهاب بالكسر الإزعاج والإخافة) [5].

وقد جاءت تصريفات هذه اللفظة في القران الكريم في مواطن مختلفة ، منها عندما خاطب نبي الله موسى السحرة ( قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ) [6].

وما هو اليوم عليه من معنى مشهور له بما هو إخافة للبشرية جمعاء بما فيها المؤمن وغيره لا يُساعد عليه لا ظاهر الإسلام ولا باطنه . فهل يتطابق الإسلام – وحاشاه – مع ما يحدث اليوم من تفجيرات وقتل للناس بالجملة من دون تمييز بالعشرات بل بالمئات ، وحرق الحرث والنسل ؟!.

[1] لسان العرب / ابن منظور/ مادة عنف .

[2] مجمع البحرين / الشيخ الطريحي / مادة عنف.

[3] أبو هلال العسكري / كتاب الفروق (طرابلس الشرق : دار جروس برس، ط1 ، 1994) / ص241.

[4] اللسان / ابن منظور / ج5، ص337.

[5] محمد مرتضى الزبيدي : تاج العروس من جوهر القاموس / ج1، ص28 بيروت.

[6] سورة الأعراف: 116.

:

العرفان :

 قد عرفوه من انه ( طريقة خاصة للوصول إلى حقائق الوجود ، ولارتباط الإنسان بالحقيقة ، وهي تقوم على الشهود والإشراق والوصول والإتحاد بالحقيقة ).

إذ يقولون بأن معرفة الله تعالى تتم بطريقين الأول منهما طريق القلب والشهود ، والثاني العقل والإستدلال ؛ وتركيز العرفان على الأول وهو يرتكز على الفطرة كما يقولون فإن هناك ميل إلى الكمال المطلق والتقرب إلى الذات الإلهية المقدسة . ويعتقدون أن الأنبياء والرسل ما هدفهم إلا إيجاد مقدمات وتهيئتها لتخطي الإنسان إلى هذا المراد .  وهو غير الكشف والكرامة التي أشرت إليها ؛ فإن الكشف أقرب للرؤيا منها إلى غيرها ولكنها ليست هي … والكرامة كذلك ربما لها مدد غيبي وبه يستطيع أن يقوم بأعمال و أمور غير معتادة كشفاء المرضى مثلاً .  وهذه الأمور قد تختلط وليس لها مقياس ثابت نستطيع الإعتماد عليه فيها .  

  وقلنا تختلط لان هناك مقابل هذا الكشف كشف آخر مشابه له تماما ؛ ومقابل تلك الكرامات أفعال عجيبة تصدر من بعض النفوس القوية التي اعتمدت على الرياضات المرهقة فجمحتْ بعض شهوات النفس أيضاً , ولأكثرها ارتباط بنفس الشيطان الرجيم ، لِذا يحصل هذا الأمر حتى للكافر الفاجر والمشرك الخبيث عند الهنود وعبٌاد الحجر والمدر .  والتفرقة بين المقامين لا يتحصل لكل أحد ، لأنه من الأمور الخفية والدقيقة جداً .

 لذا ننصح إخواننا الأعزاء الإبتعاد عن مثل هذه الأمور لأنه ليس لها مقياس دقيق ظاهري يُعتمد عليه ولأن كثيراً منها تكون مدعاةً لادعاء أصحابها مقامات لا تليق بمثلهم أبدا ، والله المسدد والموفق .  

ويمكن أن نعرض هذا كله بأصنافه وأنواعه على الأمور الواضحة والأسس الصحيحة من العقيدة الحقٌة وما هي إلا الكتاب والسنة ، فكل ما يوافقهما فهو صحيح و إلا فهو شيطاني يجب الإبتعاد عنه ، وهذا لا يتمكن منه أغلب الناس وعامتهم .

 ونعم ما ذُكِر في كتاب العقائد الإسلامية من ملاحظات لا تفوت اللبيب فإنه قال بعد الخوض بهذا الحديث وأشباهه  :

{{ ولابد هنا من تسجيل الملاحظات التالية :  

أولاً : وردت أحاديث شريفة في تفسير الآية المذكورة { ويقصد بها ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق من ربهم ) إذ استندوا عليها في تقسيم المعرفة إلى المعرفة الآفاقية ومعرفة الأنفس } بأنها { أي الآية المباركة } من علامات ظهور الإمام المهدي عليه السلام أو من الأحداث التي تظهر على يده ، وأن المقصود بالآفاق آفاق الأرض حيث ( تنتقض الأطراف عليهم ) أي على الجبارين قرب ظهوره عليه السلام . ويؤيد ذلك سين الاِستقبال في الآية ، التي تخبر عن حدث في المستقبل ، وإلا لقال ( ولقد أريناهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) مثلاً . أو قال ( أولم ينظروا في الآفاق ) كما قال تعالى ( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض) .

{{   أو يُقصَد بالآية المباركة التقدم العلمي الهائل الذي يصله الإنسان وهو أقرب للقبول ، كما هو الحال في أيامنا هذه من التقدم التكنولوجي في جميع نواحي الحياة من الذرة إلى غير ذلك من العلوم المتشعبة والكثيرة في هذه الميادين ، واللطيف أن كثيراً منها فيه إ شارات قرآنية لطيفة وبها يستطيع الإنسان أن يعلم من أن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون من البشر أصلاً ولابد أن يكون من الخالق المصور العالم بكل شئ . }} هذه الإضافة منا .

 ثانياً  :  لا شك أن النظر في ملكوت السماوات والأرض ، أي فيما يمكن للاِنسان معرفته وفهمه وأخذ العبرة منه ، أمر محبوب شرعاً وموصل إلى معرفة الله تعالى وزيادة الإيمان به

 قال تعالى : أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى

أن يكون قد اقترب أجلهم ، فبأي حديث بعده يؤمنون . الأعراف ــ 185 ،  ولكن نفس الإنسان جزء من هذا الملكوت وواحدة من هذه الآفاق ، وليست طريقاً في مقابل بقية الآفاق .

 ثالثاً : لم أجد سنداً للحديث الذي ذكره ( المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين ) ومن البعيد أن يكون حديثاً شريفاً ، وعلى فرض صحته لا يصح تفسيره بما ذكره رحمه الله فإن المقابل لمعرفة الله بالنفس معرفة الله بالله تعالى ، أو معرفة الله بأنبيائه وأوليائه ، أو
معرفة الله بآياته غير النفس . . فمن أين جعل رحمه الله المعرفة التي تقابل معرفة النفس ، معرفة الآفاق وحصره المقابلة بها ؟ .

 ثم إذا كانت المعرفة بالسير الآفاقي تشمل معرفة الله بالله تعالى وبأوليائه صلوات الله عليهم ، فكيف يصح تفضيل معرفته عن طريق النفس على هذه المعرفة ؟

رابعاً : تقدم بحث الحد الأدنى الواجب من معرفة الله تعالى ، ولم يتعرض الفقهاء والمتكلمون إلى طرقه ، ولم يفضلوا بعضها على بعض . كما تقدم أن معرفة الله هي من صنعه تعالى في نفس الإنسان وألطافه به ، ولا صنع للاِنسان فيها .

 خامساً : لا شك في صحة ما ذكره رحمه الله من أن تزكية النفس وتهذيبها من الرذائل والشهوات والتعلق بحطام الدنيا ومتاعها ، مقدمة لازمة لتحقيق هدف الدين الذي هو عبادة الله تعالى . قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) وقال تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ) ولكن الوارد في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة هو تزكية النفس وجهاد النفس ومخالفة النفس ، وهي أمور عملية غير ما يطرحه المتصوفة والعرفاء من معرفة النفس ، وإن كانت تزكية النفس تتوقف على قدر من معرفتها. سادساً : لو سلمنا أن تزكية النفس ومخالفتها وجهادها هي نفس معرفة النفس التي طرحها المتصوفة والعرفاء ، ولكن الدعوة إلى معرفة الله تعالى وطاعته عن طريق معرفة النفس على إجمالها وإهمالها تتضمن مخاطر عديدة لا يمكن قبولها ، لأنها تتسع للضد والنقيض في الأساليب والأهداف والقدوات . . جميعاً فبعض الدعوات إلى معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس تتبنى العزلة والرهبانية ، وبعضها يتبنى إصلاح النفس والمجتمع والحكم . وبعضها يدعو إلى التقيد بأحكام الشريعة المقررة في هذا المذهب أو ذاك . . . . وبعضها يدعو إلى تقليد الأستاذ شيخ الطريقة أو أستاذ الأخلاق وما شابه ، دون الحاجة إلى أخذ أي مفهوم أو حكم شرعي من غيره , وبعضها يدعي أنه يتصل بالله تعالى عن طريق المعرفة فيُلهم العقائد والأحكام الشرعية ، ولا يحتاج عند ذلك إلى شريعة ! بل ولا إلى نبوة وبعض الدعوات تجعل قدوتها في المعرفة بعض الصحابة أو الأولياء الذين لم يجعلهم الله تعالى ولا رسوله قدوة . بل قد يتخذ بعضهم قدوة من العرفاء والمتصوفة غير المسلمين . . إلى آخر ما هنالك من تعدد الأساليب والأهداف والقدوات ولهذا ، فإن من المشكل جداً أن ندعو الناس إلى معرفة الله تعالى عن طريق معرفة النفس ، ونقول لهم اقتدوا بأستاذكم حتى يصل أحدكم إلى الله تعالى فيصير أستاذاً مجتهداً ! فما أيسر أن يجلس الشيطان في هذا الطريق وينحرف بالإنسان ؛ {{  إذ التفريق بينها صعب جداً فالعرفان موجود بالتصوف الذي انتقده الأئمة عليهم السلام أي انتقاد بل هو موجود عند البراهمة والهندوس والبوذيين والزرادشت وغيرهم من الملل المنحرفة ، ويختلط البعض بالبعض كثيراً . }} . إضافة منا أيضاً .

 سابعاً : بما أن حب الذات أقوى غرائز الإنسان على الإطلاق ، فإن دعوة العوام بل وأكثر المتعلمين إلى سلوك طريق العرفان والتصوف بدون تحديد الوسائل والأهداف والقدوة ، يجعلهم في معرض الوقوع في عبادة الذات وتعظيمها ، فيتخيل أحدهم أنه وصل إلى الله تعالى ، وحصل على ارتباط به ، وصار صاحب أسرار إلَهية، ويزين له الشيطان العيش في عالم من نسيج الخيال وحب الذات، وقد تظهر منه ادعاءات باطلة واتجاهات منحرفة ، أعاذنا الله وجميع المؤمنين؛ لذلك فإن الاِئتمام في المعرفة وتعيين وسائلها وهدفها من أول ضرورياتها، فالواجب التركيز على القدوة في معرفة النفس والسلوك ، قبل الدعوة إلى سلوك طريقٍ لا إمام له .

ثامناً : ما دامت معرفة النفس عند المتصوفة طريقاً إلى معرفة الله تعالى ، ومعرفة الله تعالى طريقاً إلى عبادته ، فالهدف المتفق عليه عند الجميع هو عبادة الله سبحانه . وهذه العبادة التي هي غاية الخلق وطريق التكامل الإنساني الوحيد ، إنما تحصل بإطاعته سبحانه ، وإطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وإطاعة أهل بيته عليهم السلام أولي الأمر الذين أمرنا الله ورسوله بإطاعتهم والإقتداء بهم . ولذلك فلابد في الدعوة إلى المعرفة والعرفان وتزكية النفس وتطهيرها وجهادها وغرس الفضائل فيها  أن تتقيد بإطاعة الأحكام الشرعية كاملة ، وتتخذ من النبي وآله صلى الله عليه وعليهم قدوة وأئمة في المسلك والسلوك . . حتى تكون طريقاً صحيحاً في الحياة ، موصلة إلى رضوان الله تعالى ؛  ولذلك أجاب أحد الفقهاء شخصاً سأله ما هو العرفان ، وكيف يكون الإنسان عارفاً ، فقال له : هذه الأحكام الشرعية التي تطبقها يومياً فتصلي وتقوم بالواجبات وتترك المحرمات هي العرفان ، وأنت بسلوكك هذا تمارس المعرفة ومن الطبيعي أن يكون ذلك السلوك على درجات ومراتب ومقامات ، ولكنها تتحقق من هذا الطريق الذي سلكه النبي وآله وتلامذتهم ، لا من غيره . }} . إنتهى ما أردنا نقله .

 بهذا نعلم من أن العرفان ليس مختصاً بالعلماء والمجتهدين ، ويُعلَم منه أيضاً أن التوسم والفراسة قد يكونان منه ، وكذلك بقية الأمور غير الطبيعية والظاهرة .

 وأما ما ورد عن بيت أهل العصمة عليهم السلام من أن مَن أخلص لله أربعين صباحاً جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فهو أحد مصاديق القرب الإلهي ، وهو غير مصطلح العرفان كما عرفت. 

وأما المقصود عن ما ورد في مناجاة العارفين للإمام زين العابدين عليه السلام “وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون” وهل يطلق عليهم ؟ ، فهذا لا يليق إلا بهم عليهم السلام ولعل بعض الذين هم يعرفون معهم ، والله أدرى بحقائق الأمور ، فليس لنا أن ندعي هذا المقام لغيرهم سلام الله عليهم وليس لأحد أن يدعيه لنفسه أبداً ، ولو ادعاه لكفى هذا بافترائه ، لأن أهل هذه المقامات أعلى من أن يذكروا ذلك أبداً .  والحمد لله أولاً و آخراً وله المنة ؛  والسلام .

                                                             محمد حسين الأنصاري

                                                    21  /من ذي الحجة الحرام / 1423