ترجمة ما نشرته جريدة سيدني مورنينك هيرالد

Sydney Morning Herald

ترجمة ما نشرته جريدة سيدني مورنينك هيرالد (اشهر جريدة في استراليا) في عددها ( 54488 )

الصادر يوم السبت 25/05/2012 ما يلي :

كلُّ وليمةٍ ولها عطاء : وجبة غداء مع محمد حسين الأنصاري .

بقلم: ديبرا جوبسون  “Debra Jopson” ( من اشهر صحفيي وكتّاب أستراليا : لها كتب عدة ، ككتاب “ريدفرن بيبرز” ” أوراق ردفرن ” ، الذي كشف مخططات الحكومة لمدينة سيدني واجبرها على توقيف المشروع ، وكتاب “بلاك لاند / وايت شوز” ” أرض سوداء / أحذية بيضاء ” ، الذي كان له التأثير الكبير في تغيير سياسة الحكومة اتجاه السكان الاصليين ، ولها تحقيقات أخر ، كان لها الوقع الكبير في أستراليا ؛ وهي حاصلة على جوائز عدّة . )

SMH ARTICLE

Read more: http://www.smh.com.au/national/every-banquet-a-bonus-lunch-with-mohammad-hussein-alansari-20120525-1zace.html#ixzz1wbWF2Jve

عندما يريد الشخص أن يقابل “آية الله” الذي يصنّف كأهم شخصية دينية شيعية في أستراليا للغداء فيجب أن يكون هناك بروتوكول معين.

“إنه مثل اللقاء مع الكاردينال”، قال ابنه محمد باسم الأنصاري ، رئيس مكتبه ، ونحن نجلس على أثاثٍ غير متناسق في شرفة صغيرة لبيتٍ للقهوة ، يطلّ على مركز مدينة سيدني التجاري ، وأمامنا الخبز المحمص والشاي والقهوة ، مع الناشط لمكافحة الإرهاب [الدكتور]”فؤاد نجم” .

هناك تقويمان تقويم آية الله الشيخ محمد حسين الأنصاري الإسلامي ، وتقويم هيرالد الميلادي ، يجب أن نوافق بينهما  بحيث يكون الغداء خارج شهر رمضان المبارك ، ولا يتعارض مع  واحدة من الرحلات المنتظمة له إلى النجف في وطنه العراق .

ستكون الوجبة في منزله ، لأنه نادراً ما يأكل بالخارج ، “باسمٌ” يوضِّح ؛ ثمّ أضاف “إنه يتحدث الإنكليزية والفارسية ” ، “ولكن يفضِّل استخدام لغته الأمّ العربية ، لأنه يمكن أن يكون أكثر دقة ” .

“باسم” طالبٌ في الدراسات العليا ، في كلية الطب ، جامعة سيدني ، وباحث في أخلاقيات علم الأحياء ، وهو مَن سيقوم بالترجمة ، يعطي رسم أولي عن والده ، فيقول بأنه شاعر وكاتب ، وعالم ، وله نفوذٌ كحاكم شرعي عند المسلمين الشيعة .

يرنُّ هاتف المنزل دون توقف ، ومن المعروف عنه أنه يتلقّى المكالمات حتى في الساعة الرابعة صباحاً ، باسمٌ يقول : رجال الدين في مكانته السامية عادة ما يكون لديهم سائقون ، لكنه يقود سيارته بنفسه ، وفي العراق حيث تمَّ اغتيال “آيات الله” في الماضي، يرفض الحراس الشخصيين ، لذلك بعض مصاحبيه يتصدّى لحمايته .

موقف “آية الله” العام ضدّ الإرهاب الإسلامي يجلب الهيرالد على عتبة منزله ، ذي الطابوق الأشقر ، في بانكستاون ، في يوم أحد لمقابلةٍ نادرة .

وقد استخدم “فؤاد نجم” تعاليمه الإلاهية لتعزيز عمله في مكافحة الإرهاب ، في مركز للشباب قد مُوِّلَ اتحادياً ؛ والمركز مرتبط بمسجد بانكستاون ، تحت إشراف “آية الله” .

“إن الإسلام لا يقرّ أيّاً من الإجراءات التي تؤدي إلى تدمير [و] قتل الناس”، آية الله يقول في أفكاره التي تنشر على الانترنت . وقد ندّد بإساءة استخدام الدين مِن قِبَلِ الدعاة الذين نصبوا أنفسهم بأنفسهم ، واصفاً إيّاهم بالمحتالين ، على الرغم من أنه رفض ذكر أسمائهم .

الأنصاريون كانوا علماء دين لقرون ، ولكن “آية الله” بعد فترة قصيرة أمضاها كمهندس مدني ، تحوّل إلى الدراسات اللاهوتية .

في غرفة مغطاة بالخشب ، في مقدّمة منزل العائلة ، حيث  كنا لتناول الغداء ، دخل وهو يحمل جاذبية منصبه ، ويفرض هيبته بعمامته البيضاء وزيه الرسمي ، بعباءة سوداء ، و لحية ملونة بالأبيض والأسود .

ولكن بعد التحية التقليدية بوضعه راحته اليمنى على صدره ، تظهر عليه إبتسامة من الأعماق ، هي ضحكة رجل يرى كل يوم يعيشه من نافلة الحياة ، بعد ان عاش في عراق صدام حسين حيث كما يقول كان القمع شديداً لدرجة أنه قد قُتِلَ رجلٌ لكونه قصّ رؤيا كان قد رءآها .

وهو يعلن من البداية أن أستراليا هي أفضل بلد في العالم ، في الحرية والفكر ، وعدم التمييز .

ويضيف قائلاً : “إن الولايات المتحدة الأمريكية لديها تمثال الحرية ، أما أستراليا فلديها التطبيق العملي للحرية”.

هو وعائلته جاءوا لاجئين في عام 1999 بعد أن جرت محاولة لاغتياله في المدينة الشيعية المقدسة قم الإيرانية ، والتي فرّ اليها بعد دوره في انتفاضة العراق عام 1991 ، لأنه كان أحد مساعدي آية الله العظمى السيد الخوئي ، وهذا قد وضعه كهدفٍ لنظام صدام حسين .

من خلال ترجمة “باسم” توضَّح أنه بعد هروبه بحياته ، لأنه قد قُتِلَ مَن كان على مقربة من السيد الخوئي ، كان واحداً مِن ثلاثة أعضاء لجماعةِ ضغْطٍ عيَّنها علماءُ الشيعة في إيران لكي تدين علناً ​​النظام العراقي لعمليات القتل التي قام بها في عاصمتهم الدينية النجف .

يتظاهرون بأنهم أصدقاء ، زوجان مع طفل ، وبمعيّتهم أسلحة مزودة بكواتم صوت مخفيّة ، عبروا حراس الأمن في منزل “آية الله” في قم ، ولكنه حُفِظَ لأنه كان خارج المنزل ؛ إنه يعتقد أنها مؤامرة تمّت إدارتها عن طريق نظام صدام حسين .

بنفس طبيعة آيات الله في العراق قال إنه يتحدّث عن السياسة بشكل غير مباشر ، ونادر .

يُسأل عن ايران ، فيقول هناك السفير الإيراني في كانبيرا ؛ العراق ؟ : إنه ليس رجل سياسة .

هناك نوعان من الممثلين – أولئك الذين تراهم في السينما ، وأولئك الذين هم الساسة ؛ إنّه لا يرغب في أن يكون مُمَثِّلاً ، لأنّه باحثٌ عن الحقيقة ، ويؤمن بشفافية القِيَم ، كما يقول .

“باسم” وشقيقه “مظفر” يضعان الأكل على طاولة طويلة ومنخفضة ، مع أطباقٍ من الطعام العراقي المطبوخ بيد والدتهم ، المولودة في النجف ، مليحة الخليلي .

“إنّ أفضل هدية يعطيها اللهُ الرجل زوجة صالحة ، لذلك لقد أعطيت هدية عظيمة .” “آية الله” يقول .

فهل له زوجة واحدة ، تسأل الهيرالد مِن تحت غطاء الرأس الأسود والأبيض المهذَّب ، الذي استعارته من نساء العائلة ، “نعم ، لأنه من الصعب الزوجتان”، “آية الله” يقولها باللغة الإنجليزية ، وبضحكة عميقة ، هذه ليست ممارسة يُشجّعُ عليها ، وخاصة في المجتمع الحديث .

الوليمة تشمل البامية والأعشاب المطبوخة مع الثوم والطماطم والبهارات والمخللات ، الطرشي، السلطة الخضراء ، و”حكاكة الخبز” مع الأرز ، الذي وضعنا الحساء النجفي الغني بالعشب المدعو بالسبزي عليه ، وخلطنا أكلنا بعلبٍ صغيرة من ال “سفن آب” ، وتابعناه بالتمر، وحلاوة الجزر المحلية الصنع ، والطحينية ، وسلطة الفواكه .

“آية الله” يؤكّد على أوجه التشابه بين أستراليا والنجف كمركز متعدد للثقافات ، حيث الطلاب من جميع أنحاء العالم تجتمع فيه ، ويمكن العثور فيه على كل مطبخ .

وهل ذاق الغذاء الأسترالي ؟ ، ” الشواء ” يجيب باللغة الإنجليزية .

وقد انضمت “أمّ باسم” ، وشقيقته التوأم “بسمة” لنا ، وحان الوقت لاستجواب وجهات نظر آية الله على حقوق الزواج ، وقد كتب أن المرأة حرّة في اختيارها ، ومتساوية مع الرجل في جميع الحقوق والواجبات ، ومع ذلك يقول : الزواج لا يمكن أن يمضي قدماً في حالة عدم موافقة والد المرأة ، وكذلك نراه يقول بأنّ الزوج إذا أدّى حقوق الزوجية له أن يقرر ما اذا كانت يمكن أن تخرج من المنزل أم لا ؛ هل هذه هي الحرية والمساواة ؟

الجواب يستغرق حوالي 20 دقيقة كما انه يصف دور الأسرة في الفكر الإسلامي ، ويبين أن الدين ” متعدد الأبعاد ، متعدد الطبقات في النظام القانوني” ، ويوضّح دور كلِّ طرف في الزواج .

وبعدها يضيف قائلاً : “عندما نقول بالمساواة ، هذا لا يعني أن واحداً يساوي واحدا ، فهو لا يعني المساواة الحسابية ، بدلاً من ذلك ، نحن نفكِّر في التوازن ، وبالتالي فإنَّ الحياة الأسرية يمكن أن تستمر ، وفي الوقت نفسه يشعر كلا الطرفين بالمساواة في الإهتمام به . ” .

فبسبب الاختلافات الفسيولوجية المتعلقة بالمرأة ، والحمل لها ، فإنّه من غير العملي للرجل الإسترخاء في المنزل ، بينما تقوم زوجته بالعمل في الخارج ، فيصبح العبأ العملي للعائلة كله عليها ، وهو ثقيل جداً  ، كما يقول ، بل ليس على المرأة أن تقوم حتى بالطهي عندما تكون حاملاً .

في المفهوم الإسلامي للقيادة ، يجب أن يكون هناك من يقود الأسرة خارج المنزل ، حتى لو كان هناك زعيم آخر في داخله ، وقد أعطي هذا الدور للرجل ، لأنه عندما يكون هناك أطفال ، هناك واجبات معينة المرأة غير قادرة على القيام بها ، كما يقول. ” إنّ الأسرة مثل السفينة … حتى لو كان هناك شخصان فقط في السفينة ، لابد أن يكون أحدهما القبطان ، إذا كان لديك اثنان فيها ، السفينة ستغرق في نهاية المطاف حتماً .”

ومع ذلك خديجة ، زوجة النبي [ صلى الله عليه وآله ] ، كانت سيدة أعمال ، وحتى لو كانت المرأة تعمل ، ولو كانت مليونيرة على زوجها توفير كل قرش من أجل ملابسها وطعامها ، والنفقات الضرورية الأخر ، إذ ذلك واجبٌ شرعي عليه ، كما يقول .

ومع ذلك سألت : “آية الله” يفهم القمع ، بعد أن عانى في عهد صدام حسين ما عانا ، وماذا إذا كان الزوج طاغية ، لا يسمح لزوجته بالخروج ؟

إذا الزوج استغل سلطته ، الزوجة تستطيع أن تقول لآيات الله ، الذين هم المرجعيات الدينية ، وهم سوف يعطونه تحذيراً ، كما قال ، ثمّ أضاف “إذا كان لا يتبع التحذير ، وإذا اختارت [القيام بذلك] ، فإنها حينئذٍ تستطيع أن تطلقه”.

يصبح من الواضح لماذا هاتف آية الله دائما يرن ، فمِن النزاع بين الرجل وزوجته ، إلى الصراع الوطني ، لديه دور .

قبل عام ، كان الموقّع الأول من الشيعة في استراليا في كتابهم للأمم المتحدة ، يدعوها إلى اتخاذ إجراءات فورية لوضع حدٍّ للمجازر بحق المتظاهرين السلميين في البحرين .

وهو أيضا على استعداد للتحدث علنا ​​ضدَّ انتشار الإرهاب العالمي.

إنه يستخدم استعارة من البذور ، التي صارت بعمق من الصعب أن تُقْتَل ، في حين يمكن أن نحطب في الشجرة ، التي نمت في ظروف بيئية كانت مؤاتية لها في السنوات الأخيرة ، ولا يزال من الصعب اجتثاث البذور ، كما يقول ،  لمجيء السلام ، ثم يضيف قائلاً : يجب أن يكون هناك حلٌّ سماوي .

“لسوء الحظ فإن الإسلام هو دين مظلوم ، وإنه ليس مضطهداً من قبل الآخرين فقط ، ولكنّ الظالمين أولاً وأخيراً للإسلام المسلمون أنفسهم ، من خلال ممارسة بعض الأعمال ، والإدعاء أنها من الإسلام بينما هيَ ليست منه بشئ .”.

عندما تظهر شاشات التلفزيون مشاهد من العراق من شخص يستولي على شاب ويذبحه ، وهو يهتف “الله أكبر – الله أكبر”، والعداوة والبغضاء في قلبه ، هذا ليس له ايّ علاقة مع الإسلام ، و بفعله هذا فإنّه قتل الاسلام نفسه ، كما يقول .

ويضيف : حكم الإسلام في ذبح الشاة إنه ينبغي أن يتم ذلك بعيداً عن الناس ، والحيوانات الأخر ، و ينبغي أن لا يتم عرض السكين عليها ، إنها جريمة ضد الإسلام نفسه عندما يتم ذبح رجل باسمه أمام كاميرات التلفزيون ليشاهده العالم بأسره .

ثم يضيف قائلاً : لقد أبقى المفكرون الدينيون الشيعة العراقَ في مأمنٍ من الحرب الأهلية وذلك بالدعوة للسلام .

كان يجلس بجوار آية الله العظمى السيستاني نفسه عندما أصدر “فتوى”، أو أمر ديني ، يحظر على الشيعة الرد ، حتى عندما يتعرضون لهجوم ، أتمّ قوله .

الغداء ينتهي ببروتوكول : السيدة الأنصاري تعطيني خاتماً مرصّعاً بدرِّ النجف ، ويقدم لي “باسم” هدية عبارة عن كتاب ل”آية الله” قام هو بترجمته : “الإستنساخ البشري : دراسة إسلامية في مشروعيته وآثاره”.

الساعة الرابعة مساءاً ، وآية الله يغادر الى موعد آخر ، يرنّ هاتفه مرة أخرى…!

حياة وأوقات :

1952 ولد في مدينة العمارة ، العراق ، في عائلة علمائية .

1973 شهادة في الهندسة المدنية من جامعة بغداد.

انتقل عام 1975 إلى النجف الأشرف لدراسة العلوم الشرعية والقانون.

1979 تزوج مليحة الخليلي من النجف.

عام 1991 شارك في الإنتفاضة الشعبية في العراق كمساعد لآية الله العظمى السيد الخوئي ، وأجبر على الفرار إلى إيران .

بلغ عام 1995 رتبة الاجتهاد ، وهي أعلى درجة علمية عند الشيعة .

1999 بعد محاولة اغتيال قام بها نظام صدام حسين جاء إلى أستراليا مع عائلته لاجئاً.

2001 أسّس مسجد الرسول الأعظم في بانكستاون.

2003 بدأ بالموكب السنوي للسلام مع أتباعه الذي يمرّ من خلال مركز مدينة سيدني التجاري .

2011 بدأ مركز الشباب المرتبط بالمسجد عمله لمكافحة الإرهاب.