بسم الله الرحمن الرحيم       اللهم صل على محمد و ال محمد

 الحسين عليه السلام والعلماء

ورد في التوقيع الرفيع: « وأما الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها الى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، و أنا حجة الله عليهم‏ »  . اكمال الدين / الشيخ الصدوق : 484، كتاب الغيبة /  للشيخ الطوسي : 177، الاحتجاج / الشيخ الطبرسي : 470، الوسائل 27: 140 ابواب صفات القاضي ب 11 ح 9.

وفي مرسلة الفقيه: « أللهم ارحم خلفائي ،  قيل: يا رسول الله، مَن خلفاؤك؟  قال : الذين ياتون بعدي، و يروون حديثي و سنتي‏»  .  معاني الاخبار 1: 374-1، الوسائل 27: 139 ابواب صفات القاضي ب 11ح 7.

و المروي في الفقه الرضوي: «منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الانبياء في بني اسرائيل‏»  . فقه الإمام الرضا عليه السلام : 338. 

و عن مولانا الصادق عليه السلام: «الملوك حكام على الناس، و العلماء حكام على الملوك‏»  . كنز الفوائد / الكراجكي: 195، مستدرك الوسائل 17: 316 ابواب صفات القاضي ب 11ح 17.

و المروي في تحف العقول للشيخ الجليل محمد بن الحسن بن علي بن شعبة : « مجاري الامور و الاحكام على ايدي العلماء بالله، الامناء على حلاله و حرامه‏»  . تحف العقول: 238، مستدرك الوسائل 17: 315 ابواب صفات القاضي ب 11ح 16.

و المروي في غوالي اللآلى‏ء: (( الناس اربعة …….) إلى أن يقول : رجل يعلم، و هو يعلم انه يعلم، فذاك مرشد حاكم فاتبعوه ‏» . غوالي اللآلى‏ء 4: 79-74.

و تدل على الرجوع الى العلماء  ايضا الاخبار الآمرة بالرجوع الى الاعدل، او الاعلم، او الافقه، عند الاختلاف.

و تؤيده الاخبار المتواترة أو التي تكاد المتضمنة لمثل : ان العلماء ورثة الانبياء، و انهم مثلهم، و انهم امناء الاسلام، و امناء الرسل، و المتكفلون لرعيتهم و لايتامهم . الوسائل 27: 77 ابواب صفات القاضي الباب 8 .

 وراجع في ذلك كله لو أحببت كتاب مستند الشيعة في احكام الشريعة للشيخ النراقي قدس سره الشريف كتاب القضاء و الشهادات ،  المقصد الاول: في القضاء ، المطلب الاول: في تعيين القاضي و ما يتعلق به من الشرائط، و الآداب، و الاحكام .

 ونختم هذه الخلاصة الخالصة من الشك والشبهة بقولهم عليهم السلام :  (( فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لامر مولاه، فللعوام ان يقلدوه، و ذلك لا يكون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم.. فاما من ركب من القبائح و الفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا و لا كرامة‏» الحديث . تفسير الحسن العسكري عليه السلام: 299-143، الوسائل 27: 131 ابواب صفات القاضي ب 10 ح 20.

بعد هذا نقول علينا الإنتباه الشديد لئلا نقع في براثن الشيطان وأتباعه فنحارب أولياء الله ونوالي أعدائه ظنا من أن ذلك هو الدين الصحيح ، أوأن نكسر قلب مؤمن واعٍ لجهلنا ، أو نغبن الحق بمساندة الباطل …..

فالحذر الحذر…….. ثم الحذر الحذر ……….

وحب الدنيا رأس كل خطيئة كما قال اميرالمؤمنين (عليه السلام ): ((ايها الناس اياكم و حب الدنيا فانها راس كل خطيئه و باب كل بليه و قرآن كل فتنه وداعى رزيه .)) (تحف العقول ، ص 5).

، وعلينا أن نلتفت لدواخل نفوسنا فنردعها عما حرم الله تعالى ونجاهد أنفسنا بأن نكون مع الحق ، والحق فقط  فالذين خرجوا لحرب الحسين عليه السلام فئات و أقسام علينا بالتمعن فيها حتى لا نقع في شبائك إبليس ومردته والنواصب وحبائلهم فنكون جبهة واحدة ضد الحق محاربين له حتى آخر نفس عندنا لا سامح الله تعالى من حيث ندري و لا ندري .

والذين خرجوا لحرب الحسين عليه السلام فئات مختلفة  :

منهم :  من أراد المال والمال فقط  مثاله  خولى بن يزيد الأصبحي أو سنان بن أنس النخعي اذ يقول من تنسب له هذه الأبيات وهو أحدهما أمام أميره عبيد الله بن زياد وهو يحمل الرأس الشريف طمعا في جائزته :

إملأ ركابي فِضَّةً أو ذهبا          إنِّي قتلتُ السيدَ المحجبـا

قتلت خيرَ الناس أماً وأباً

ومنهم : من أراد الجاه والسلطة كعمر بن سعد بن أبي وقاص حيث يظهر هذا في قوله :

أأترك ملك الري ، والريُّ منيتي

أو أصبحُ مأثومـاً بقتـلِ حسيـنِ

وفي قتلهِ النارُ التي ليس دونها

حجابٌ ولي في الري قرّة عينِ

(الخصائص الحسينية للشيخ جعفر الشوشتري ) ص 71؛ كما نقلهاابن الأثير ج4 ص22.   

 وقد ذكرها النسائي هكذا : وإليه( أي إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص)  تنسب هذه الأبيات :

فوالله ما أدري وأني لَحائرٌ * افكر في أمري على خطرين ِ
أأترك ملك الري والري منيتي * أم أرجع مأثوماً بقتل حسين ِ
حسينُ ابن عمي والحوادثُ جمةٌ * لَعمري ولي في الري قرة عين
ألا إنما الدنيا بخيرٍ معجلٍ * فما عاقل باع الوجودَ بدين
وأنَّ إلهَ العرش يغفر زلتي * ولو كنت فيها أظلمَ الثقلين
يقولون إنَّ الله خالقُ جنةٍ * ونار وتعذيبٍ وغلِّ يدين
فإنْ صدقوا فيما يقولون أنني * أتوب إلى الرحمان من سنتين
وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمةٍ * وملكٍ عقيمٍ دائمِ الحجلينِ

وقال له( أبو عبد الله الحسين عليه السلام ) : أي عمر أتقاتلني ؟!  أما تتّقي الله الذي إليه معادك ،  فأنا ابن مَن علمتَ ؟!  ألاّ تكون معي وتدع هؤلاء فإنّه أقرب إلى الله تعالى ؟! ، فاعتذر ابن سعد بمعاذير لا ترضي الخالق تعالى قال أولاً: أخاف أن تُهدم داري، قال الحسين: أنا أبنيها لك. وقال ثانياً: أخاف أن تؤخذ ضيعتي، قال (عليه السلام): أخلف عليك خيراً منها من مالي بالحجاز . مقتل العوالم ص78.  وادعى ثالثاً: أخاف من ابن زياد أن يقتل أولادي.

ولمّا أيس منه أبو عبد الله عليه السلام  قام من عنده وهو يقول ما لَكَ ذبحك اللهُ على فراشك عاجلاً  ، ولا غفر لك يوم حَشْرك، فوالله إنّي لأرجو أن لا تأكل من بُرّ العراق إلاّ اليسير.

فقال ابن سعد مستهزأً: في الشعير كفاية .  (تهذيب الأسماء واللغات للنووي ، بترجمة عمر بن سعد ) .

لقد أعمى الرجلَ حبُّ الدنيا ؛إلَّا أنَّ أكله القليل للشعيربعد ذلك في الدنيا لم يكن حاجزاً له عن الغسلين والصديد الدائم في نارجهنم وبئس المصير.

ومنهم من دخل في ذلك حسداً ودنائة : كأبيه سعد بن أبي وقاص حيث ترجم مناوئته لعلي أمير المؤمنين عليه السلام وحسده له ولولده بعد أن قضى عمره ولم يبايع عليا ولم يدخل في حرب معه بعد نقله لخصوصيات لعلي عليه السلام  يفتقدها هو ومن لفَّ لفه ،  ودونك الصحاح فانظرها ولكنَّ الحسد يعمي ويصم ، ترجم ذلك تزلفاً للسلطان وحقداً على الإيمان بكتابته إلى يزيد بن معاوية بخبر مسلم بن عقيل عند دخوله الكوفة واجتماع الناس عليه وتوقّف النعمان بن بشير عن محاربته راجع الطبري ج6 ص199. وهو يعلم ما عليه يزيد من الفجور ، و إلَّا لماذا كتب ؟

ومنهم : مثل ما ذكر المسعودي في تاريخه حول أحداث صفين إذ قال المسعودي: (إن رجلاً من أهل الكوفة دخل على بعير له إلى دمشق في حال منصرفهم عن صفين، فتعلق به رجل من دمشق فقال: هذه ناقتي أخذت مني بصفين، فارتفع أمرهما إلى معاوية، واقام الدمشقي خمسين رجلاً بينة يشهدون أنها ناقته، فقضى معاوية على الكوفي وأمره بتسليم البعير إليه فقال الكوفي: أصلحك الله انه جمل وليس بناقة فقال معاوية: هذا حكم قد مضى، ودس إلى الكوفي بعد تفرقهم فأحضره وسأله عن ثمن بعيره فدفع إليه ضعفه وبرّه وأحسن إليه وقال له: أبلغ علياً أنّي أقابله بمائة ألف ما فيهم من يفرق بين الناقة والجمل. ويضيف: ولقد بلغ من أمرهم في طاعتهم له أنه صلى بهم عند مسيرهم إلى صفين الجمعة في يوم الأربعاء…)1.  مروج الذهب ، ج2 ، ص72.

ومنهم من خرج : إذ كانت نفسيته مثل نفسية أحد الصحابة (أبي هريرة الدوسي ) يوم  قال : (( الصلاة خلف عليٍّ أتم ، والطعام مع معاوية أدسم ،  والجلوس فوق التل أسلم))!!  وهذه من الكلمات المشهورة له في كتب التاريخ ، كما في احوال أبي هريرة من الكنى والالقاب للقمي وغيره .

وبعضهم :  اشتبه عليه الأمر لغفلته ، ورأى طالبَ الدنيا فقلَّدَه ، فاستحق المؤاخذة من الله تعالى ، وهذا وأمثاله انعدم جزما بعد تلك الخطابات والمجادلات ووضح الحق لكل ذي عينين .

 وبعضهم : قلد الناس لقصور فطنته إذ رأى الجم الغفير فتابعهم وتوهم أن الكثرة تستلزم الصواب .

 ومنهم :  من تبع أهله وعشيرته ليس إلا . فعلينا ألا نتتبع خطى الجمعيات والمؤسسات التي نحن فيها ونمشي وراء من يُسِّيرها عميانا ،  إذ المؤمن يكون واعيا دائما ومنتبها للطريق الذي يسير فيه جيدا .

ومنهم : كما ذكر ابن طاووس عليه الرحمة (( حتى جاء الليل فجعل اصحاب مسلم يتفرقون عنه ويقول بعضهم لبعض : ما نصنع بتعجيل الفتنة ، وينبغي أن نقعد في بيوتنا وندع هؤلاء القوم حتى يصلح الله ذات بينهم ؛ فلم يبق معه سوى عشرة أنفس فدخل مسلم المسجد ليصلي المغرب فتفرق العشرة عنه . )) مقتل الحسين عليه السلام /ص22 .

فانظر تر العجب إذ أصبح الداعي إلى الحق صاحب فتنة ، وهكذا يفعل بعض علماء السوء إذ لو طالب أحدهم بالحق وَسَمُوه بصاحب فتنة فانظر تر مدى تشابه النفوس .

ومنهم : كعبد الله بن عمر حيث قال: عليَّ بمسجد رسول الله (ص) أعبد ولا دخل لي فيما بين السلاطين ، كما يخذل كثير من الناس المتصدين للحق ضد الباطل ، ويبعدون الناس عن العلماء وما دروا أن العلماء لا يشترون الدنيا وزينتها بقلامة إظفر ظانين أنهم مثلهم يريدون الرئاسة والسيطرة إذ كل إناء ينضح بما فيه كما وسموا عليا عليه السلام بذلك وهم أبناء الدنيا و أهلها ، أو أن المرجعيات الدينية مثل الأحزاب السياسية التي تريد أن تسيطر على البلاد وخيراتها فتتهجم هذه على تلك ؛ أو تريد أن تظهرها بالوجه القبيح كما تفعل السياسة تلك الألعاب القذرة وما علموا من أن علمائنا قد تربوا في مدرسة أهل البيت عليهم السلام ؛ ولو أرادوها يوما فهم يريدوها لِإقامة الحق و إزهاق الباطل ونصرة الضعيف وتطبيق حكم الله في الأرض لا لإجل منصب ومتاع زائل ولسان حالهم كلسان سيدهم و أميرهم علي عليه السلام من قبل حين خاطبها يا دنيا غري غيري . أو حين بيَّن متى يتدخل العلماء حين قال عليه السلام (( أما والذي فلق الحبة وبرأ النَسَمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كِظّة ظالم ولا سَغَبِ مظلوم لألقيتُ حبلها على غاربها  )) لاحظ الخطبة الشقشقية في نهج البلاغة .

 وقسم منهم :  تقاعس عن الوظيفة العظمى وما هي إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونسى من جملة ما نسي أو تناسى  قول رسول الله صلى الله عليه و آله : (لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نُزِعَتْ عنهم البركات وسُلِّط َ بعضُهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء)44  وسائل الشيعة، ج 11، ص 398 .

ومنهم : من اعتمد على غيره ولم يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتق الجميع فأذعن لما تقوله النسوان والعجزة والصبيان إذ (  كانت المرأة تأتي ابنها أو أخاها أو زوجها وهي مصفرّة الوجه من الخوف فتخذّله وتقول له: الناس يكفونك )(). تاريخ أبي الفداء 300:1 .

 وكأن الأمر شخصي محض ، كما يفعل ذلك بعض أهل الغفلة أو التغافل فيحيلون بحيلهم وبكلامهم اللطيف أحيانا الصراعات العقائدية والنزاعات المذهبية والأمور التي تهم الجالية الإسلامية يحيلوها لمسألة شخصية ويردون على المدافعين عن الحق بمنعهم من الكلام لأن ذلك أمر شخصي ، أوالآخرون يكفونك .

ويجمعهم أنهم تخاذلوا عن نصرة الحق ووهنوا عن توهين الباطل وفي هذا بلاء مبرم ، حتى وصل بهم التخاذل أنْ  قتلَ الطغاة رؤسائهم ولم ينصروهم بل لم ينبسوا ببنت شفة  فهذا المسعودي يقول : ( فضرب بكير الاحمري عنق مسلم بن عقيل فأهوى رأسه إلى الأرض، ثم اتبعوا رأسه جسده، ثم أمر بهانئ بن عروة فأخرج إلى السوق فضرب عنقه صبراً وهو يصيح يا آل مراد وهو شيخها وزعيمها وهو يومئذ يركب في أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل، وإذا أجابتها أحلافها من كنده وغيرها كان في ثلاثين ألف دارع، فلم يجد زعيمهم منهم أحداً فشلاً وخذلاناً..)2.   مروج الذهب، ج3، ص59.

 وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : ((… أيها الناس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق، ولم تَهِنُوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم، ولم يقو مَن قويَ عليكم، لكنكم تهتم متاه بني إسرائيل، ولَعمري لَيضعفنّ لكم التيه ُمِن بعدي أضعافاً بما خلَّفتم الحق وراء ظهوركم..))  نهج البلاغة ،  الخطبة 166.

 إلَّا أنهم كلهم باعوا حظهم وآخرتهم بالثمن الأوكس باعوها بدنيا غيرهم.

(وشر الناس من باع دينه بدنيا غيره)  بحار الأنوار ج72، ص281.

فعليه نقول بالأضافة إلى كل ذلك : 

إن الإنسان يجب عليه أن يعرف الحق  فيتبعه ويعرف الباطل فيجتنبه ؛ فمعرفة الحق وحدها لا تكفي بل إتباعه ، ومعرفة الباطل أيضاً لا تكفي بل معرفته واجتنابه  ولا يكون  كاليهود إذ عرفوا الحق وما تبعوه فكانوا أظهر مصاديق المغضوب عليهم ، ولا يكون كالنصارى إذ جهلوا الحق فضلوا .

وهذا يرتبط ارتبطا قويا بمعرفة الحق وحقيقته من مصادره الصحيحة التي أوصانا الله سبحانه باتباعها ، وأوصانا بها أهل بيت العصمة عليهم السلام و ما أوصونا في زمن غَيبَة إمامنا إلا باتباع العلماء فقط وليس غير العلماء ، فعلينا الفحص عنهم ومعرفتهم لمعرفة ديننا وطريقنا في هذه الحياة المدلهمة بالظلام وخاصة في زماننا حيث المغريات كثيرة والدنيا حلوة براقة زاهية ، فعلينا ان نعيَ زماننا ونعرفه معرفة تامة إذ أن أمير المؤمنين وسيد ولد آدم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العارف بالدنيا وخطرها يقول عليه السلام : ((العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس)) تحف العقول ص261  ؛  الكافي (أصول): ج1 ص26 ح29 ؛  بحار الأنوار: ج68  ص307 ح 84 . وبعضهم ينسبه لحفيده الإمام الصادق عليه السلام .

 ونحن نعيش في بلاد الغرب في بلاد المؤسسات  إذا صح التعبير ، وكلنا يعلم ما للمؤسسات والجمعيات من تأثير كبير على الناس يأتي بالدرجة الثانية بعد الجهاز الإعلامي فإذا تبنّى تلك المؤسسات أشخاص من ذوي الفطنة في هذا المجال ومعرفة الخطط وتدبيرها للتاثير على الناس ، والتزي بزي أهل الورع فإذا مُحِّص وغُربل ظهر معدنه الخسيس ونفسه الدنيئة و إن كان لبسه ظاهراً عكس ذلك إذ يظهر كذبه وبهتانه فحبل الكذب قصير ، بل قد تكون وسائل الإعلام حينئذٍ من بعض نتاجاتهم فسيكون الأمر هنا أشدَّ خطراً  . – ولا يُفهم من كلامنا هذا أنا ضد المؤسسات والجمعيات بل للتتنبيه وللثبات على الصراط المستقيم ، وفق الله تعالى العاملين المخلصين فيها لكل خير وكرامة _  .

 وكلنا يعلم من أن ذوي الجاه في هذه البلاد يمكن لهم أن يؤسسوا تلك المؤسسات ، وذوي المال كذلك وخاصة ممن يحب الشهرة والعناوين ، ومن كان عارفاً بقوانين هذه البلاد بل كل حزبٍ سياسي وحتى المؤطر بإطارٍ ديني بإمكانه وبكل سهولة أن يؤسسها – مع احترامنا لكل الأحزاب السياسية –  فعليه علينا أن ننتبه جيداً ، وأن نعرف خط كل هذه الجمعيات قبل أن تكون هي حياتنا كلها وخاصةً الدينية منها فنجعلها آلهة تُعبد من دون الله وشرعه ظانين أننا نتبع الله وشرعه  .

علينا إتن أن نعرف خطها جيداً وأنها تتبع الحق دون الباطل ،  و أنها على نهج العلماء الإعلام في الحوزات العلمية ، وعلى خط أهل بيت العصمة عليهم السلام الصحيح الذي لا يشوبه الباطل ، لا أنها أخذت من هذا الخط الصحيح شيئاً لِتَشوبَ به باطلها وتبعِّدَ الناس من العلماء ، خوفاً منهم على دنياهم وما علموا من أن العلماء لا يهمهم أمر الدنيا و أهلها إلا أنهم عندما يجدون الخطر محدقا بالمؤمنين لا يهمهم أمر فلان وفلان بل يكون حينئذٍ هدفهم الأول إنقاذ أيتام آل محمد صلى الله عليه و آله و شيعة علي عليه السلام من براثن هؤلاء المستغلين والمنافقين ، وخاصة أن الناس في هذه البلاد أغلبهم من الطيبين النظيفي السريرة .

فعلينا الإنتباه في هذا العالم الغربي الغريب ولا تكون الغربة سببا في خلط الأسماء والصور فيظهر الباطل بوجه حق ، أو أن يتزين الباطل بخطوط ناصعة براقة من الحق فيفرح به البسطاء المساكين  .

فلتبتعد الغفلة عنا من غير رجعة لأن المؤمن كيس فطن .